الاتحاد 100 عام من العزة
مسيرة نادي الاتحاد عبر تاريخه الطويل تتشابه إلى يومنا هذا، فلا خلاف إلا من أجل أن يبقى الاتحاد، ولا اختلاف إلا على كيف ألّا يفارق المنصات، فهو الذي بذر على أرض جدة نواة «كرة القدم» الوطنية، بعد أن سحب البساط من تحت أقدام فرق الجاليات، التي كانت تستأثر بسحر اللعبة، التي سكنت شغاف سكان جدة ومكة.
انتزع الراية وخطا، لم يحبو، هزمهم في تنافس على كسب المستقبل، الذي رفعت الدولة السعودية مشاعله ملبيًا هاتف سكن قلوب أبناء العروس، ومناديًا مدن البلاد من أدناه إلى أقصاه، إن دقت ساعة العمل لبناء صرح رياضي يعنون لنهضة شعب، طريقه مضاء بالمجد، وموسوم بالفخر.
فمنذ شهر رجب 1346 للهجرة برئيسه علي سلطان، إلى شهر ذي القعدة 1446 للهجرة برئيسه لؤي مشعبي، مثل الاتحاد النموذج الأقرب للفارس النبيل، تميز بشجاعة المنافسة في ضعفه، وشهامة المنافس في قوته، ولم يجعله هذا العمر الطويل أن يهن أو يختفي، أمضى عقوده العشرة في كر وفر متمسكًا بقاعدة ألا فوز دائم ممكنًا، ولا خسارة جولة أو جولات ترفع لها الرايات البيضاء.
هذا الموسم عاد لينتزع لقب الدوري من الهلال، الذي كان قد فعل الشيء نفسه، في تبادل يمثل تحديًا بينهما، لكنه يؤسس لسطوتهما، التي كان يمكن أن تجابه بالذات من النصر والأهلي، لولا أن النصر ما زال غير قابل للتصحيح، فيما كان للأهلي فرصة تحقيق هدفه المعلن بالحصول على بطولة النخبة الآسيوية، إلا أن كل هذا لا يشير إلى أنهما قد يمنعان الاتحاد والهلال من استمرارية التناوب على لقب الدوري، وهو ما يجب أن يسعيا لفعله.
المبادرة بالاحتفاء بالاتحاد بطل الدوري هذا الموسم قبل انقضائه بجولتين، يفرضه واقع يجب ألّا يكون منشأه شعورًا عاطفيًا، ولا يمنعه منغص مناكفة أو تصادم جماهيري وإعلامي، وأن تأخذ المسألة بعد يؤمن أن التنافس بقدر ما تؤذي تفاصيله المشاعر، لأنها حالة متغيرة إذا ما كان «ناديك» قادرًا على أن يضع نفسه منافسًا دائمًا، وبطلًا حين لا يقطع وصله بالمنصة، ولا يدخل جمهوره في دوامات الصراع الداخلي والخارجي، الذي لا ينتهي.
الاتحاد الذي لا يغيب عن البطولات، يرسل رسالة سهلة وواضحة «أصلح نفسك من الداخل، وتأكد أن كل ما يحصل عليه منافسوك من ألقاب، وما تصنعه من تاريخ، وتجلبه من أفراح وأموال، سيأتيك إذا عملت من أجله كل جهدك، ولم تضع بعضه أو كله في مراقبة منافسيك والتربص بهم للأيذاء»... التهنئة مجددًا للاتحاد، لكل من بنوا كيانه، ومن ثبتوا أركانه، ومن جبروا عثراته، ومن رفعوا راياته.