كلام ويك إند
شاهدت ملخص مباريات قديمة عربية وعالمية، لاحظت أنها كانت أبطأ، ولاعبون لا يتحركون من دون كرة، مساحات فارغة في الملعب، وإعلانات سجائر خلف حرّاس المرمى. كانت لها متعتها، مثلما لمباريات اليوم متعتها، الفارق أنَّ كرة القدم اليوم مشروع تجاري بحت، لا تستطيع أن تحب نجم فريقك وتستمر بنفس محبته، لأنه سينتقل إلى الفريق الذي سيُسجل في مرمى فريقك، وفريقه السابق. المباريات القديمة كانت تلعب بملاعب أقل جودة من ملاعب اليوم، لكنها كانت تنقل تلفزيونيًّا بالمجان، الآن صارت مشاهدة المباريات في معظم أنحاء العالم تشبه مشاهدة الأفلام السينمائية، لا بد أن تدفع لتشاهد. كرة القدم لعبة ابتكرها البسطاء، واستثمرها الأثرياء.
هناك موضة عربية على اليوتيوب، مقدمو برامج يلتقون مع الناس في الشوارع، يجرون معهم حوارات غريبة، مذيع يسأل إنسانًا بسيطًا غير متعلم أسئلة تكشف جهله، ثم يقوم المذيع بتقديم المحتوى على أنه كوميدي! شاهدت مثل هذه الحلقات في عدة دول عربية، وبنفس الأسلوب الذي يعتمد الضحك على الناس غير المتعلمين!. أنا على قناعة أن لا شيء دون مقابل، واليوتيوب واحد من هذه الأشياء، والسوشال ميديا كذلك، لكن الثمن الذي ندفعه كمقابل باهظ جدًّا.
في عزاء أحد الأصدقاء اجتمعنا، كان كما هو، محافظًا على أناقته، وربما خفة دمه التي منعها من الظهور حينها المناسبة الحزينة، لا أتذكر من بادر الآخر بالسؤال: لماذا افترقنا طوال سنوات دون سبب، سوى تسربنا بين دهاليز المشاغل والنسيان؟ لم نملك إجابة، كنَّا مقتنعين أننا تعاملنا مع تلك الأيام بجحود، ومع ذكرياتنا بإهمال. كان من المؤسف ألا يجتمع الأصدقاء القدامى مرة أخرى، إلا عند وداع واحد منهم الوداع الأخير. كان من المؤسف، ألا نكون أوفياء لجزء من عمرنا الماضي.
أعجبني قول لجاك ماريتان عن أقسى الخسارات، هي ليس مادية، بل أكبر بكثير: أقسى ما قد يمر بنا هو أن نفهم الأشياء في وقت متأخر جدًّا.