لوكا زيدان.. تخلى عن الحلم وسار على خطى محرز
منذ أكثر من نصف قرن، يشتعل صراع خفي بين الجزائر وفرنسا على جذب نجوم كرة القدم ذوي الجنسية المزدوجة، تلك المواهب التي تحمل في دمها مزيجًا من التاريخ والأحلام.
وفي صيف 2025، برز اسم لوكا زيدان نجمًا جديدًا في هذا الجدل المثير، بينما نجح المنتخب الفرنسي في خطف مواهب، مثل ريان شرقي وماجنيس أكليوش، اختار لوكا ـ ابن الأسطورة زين الدين زيدان، طريقًا مختلفًا تمامًا.
عانق جذوره الجزائرية، وسار على خطى حسام عوار ورياض محرز، ليضيف لمسة شخصية إلى قصة عائلة «زيزو» المرتبطة بمنطقة القبائل في الجزائر.
في قلب مرسيليا، حيث يلتقي البحر الأبيض المتوسط بالأحلام الفرنسية، وُلد لوكا زيدان في 13 مايو 1998.
الابن الثاني لزين الدين، ذلك العبقري، الذي رسم لوحة من الإبداع في تاريخ كرة القدم.
لكن تحت هذا الاسم اللامع، تخفي عائلة زيدان قصة هجرة عميقة: جده إسماعيل غادر قرية أغومون المتواضعة في ولاية بجاية عام 1953، عابرًا البحر بحثًا عن حياة أفضل، عامل بناء في فرنسا.
هذه الجذور الجزائرية النابضة شكلت هوية لوكا، الذي يحمل الجنسيتين الفرنسية والإسبانية، لكنه قرر أخيرًا أن يعانق أصول والده.
بدأ لوكا مغامرته الكروية في سن السادسة، حين التحق بأكاديمية ريال مدريد عام 2004.
حمل على كتفيه عبء اسم «زيدان»، لكنه اختار مركز الحارس، حيث يتحرك بخفة بين القائمين، يصد الضربات بثقة هادئة.
في أكاديمية الملكي، صقل موهبته تحت أعين المدربين، ثم انتقل إلى فريق كاستيا عام 2016، حيث خاض 51 مباراة في ثلاثة مواسم، محاولًا الخروج من ظل والده، لكن الطريق كان وعرًا.
مع الفريق الأول لريال مدريد، اكتفى بمباراتين فقط.
33 مباراة مع راسينج سانتاندير «2019ـ2020»، ثم 28 مع رايو فاليكانو في موسمين، غالبًا احتياطيًا.
الأنفاس هدأت أخيرًا في إيبار «دوري الدرجة الثانية الإسباني» عام 2022، حيث أصبح أساسيًا، وشارك في 77 مباراة.
ومنذ صيف 2024، يدافع عن مرمى غرناطة في الدوري نفسه، محققًا 22 مباراة حتى الآن، على الرغم اهتزاز الشباك 10 مرات في أربع مباريات هذا الموسم.
دوليًا، بدأ لوكا مع فرنسا، من تحت 16 إلى تحت 20 عامًا.
تألق مع تحت 17 في كأس أمم أوروبا 2015، مساهمًا في التتويج بلقب، ليصبح نجمًا صاعدًا. لكن المنتخب الأول بقي بعيدًا، فأعاد التفكير في خياراته.
وفي 2025، جاء القرار المفاجئ: لوكا يغير جنسيته الرياضية لتمثيل الجزائر، بلد أبيه، الذي تسعى لتعزيز صفوفها بقيادة المدرب الكرواتي فلاديمير بيتكوفيتش، استعدادًا لتصفيات كأس العالم 2026.
لوكا استدعي إلى «محاربي الصحراء» في التوقف الدولي لشهر أكتوبر 2025، حيث ستواجه الجزائر كلًا من الصومال وأوغندا في مباراتين حاسمتين.
اختياره للجزائر يعكس رغبته في ترك بصمة خاصة به، بعيدًا عن المقارنات مع والده، الذي اختار اللعب لفرنسا، وتوج معها بكأس العالم 1998.
في مؤتمر صحافي، أشار بيتكوفيتش إلى أن لوكا استحق الاستدعاء بفضل إمكاناته، لكنه أبقى الباب مفتوحًا أمام منافسة محتدمة على مركز الحارس الأساسي، مؤكدًا أن الحديث عن هذا الأمر سابق لأوانه.
مسيرة لوكا زيدان هي قصة شاب يحمل اسمًا كبيرًا، لكنه يسعى لصياغة هويته الخاصة.
من مرسيليا إلى مدريد، ومن الملاعب الإسبانية إلى أحلام تمثيل الجزائر، يواصل لوكا رحلته بين القائمين، حاملًا معه إرث عائلة زيدان، وجذورًا تمتد إلى قرية أغومون الجزائرية.