الكرة السعودية.. إعادة تشغيل
مهد الدعم المالي السخي غير المسبوق الذي أمر به ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتهيئة أفضل أرضية يمكن أن تقف عليها رياضة كرة القدم في السعودية، لا لتتنفس أو لتنطلق مجددًا ولكن لتعمل على أن تتغير كليًّا؛ فقد كانت تعيش على أجهزة التنفس الاصطناعي الذي يمكن أن ينزع منها في أي لحظة ويعلن وفاتها.
التزامات مالية مريعة للاعبين ومدربين أجانب ومتأخرات مقدمات عقود ورواتب لمحليين وأجانب ومستحقات لم يتم دفعها لوسطاء ومتاجر وفنادق وعقارات، جميعها شكلت قنبلة قابلة للانفجار في أي توقيت جعلت عمل الأندية متعثرًا وأحيانًا متعسرًا، وظلت كل الحلول أشبه بالتحايل والمراوغة واللعب على الوقت حتى حين، ومعها كبرت كرة الثلج وأصبح الحل الجذري من المستحيلات!
مبادرة ولي العهد التي قهرت المستحيل وزف بشارتها رئيس هيئة الرياضة فاقت في معانيها رقمها المالي الخيالي، وفي أهميتها أن تكون من الأمير محمد بن سلمان أكثر منها رقمًا ماليًّا حكوميًّا مرصودًا، ففي اهتمامه الشخصي وحرصه ما يعني أن الدولة مهتمة بهذه الرياضة وممارسيها وعشاقها، ولا يمكن أن تدعها تتضرر من جراء سوء إدارة أو غيره، بل قادرة على تصحيح المسار وتحمل الكلفة والمحاسبة والمراقبة.
أكثر من مليار ومئتي مليون ريال لتصفير الديون الخارجية على الأندية السعودية، وتصحيح مسار العمل والتحضير لموسم استثنائي هذه المرة ليس من أجل الأخضر في المونديال، ولكن بغرض أن يكون الدوري مونديالاً بنوعية نجومه وتنظيمه وإدارة مبارياته وملاعبه ونقله التلفزيوني، نحو أن يرتقي أول درجات سلم المنافسة على التصنيف المستهدف من بين الدوريات العشر الأفضل في العالم.
الأندية عند تحللها من قيود الديون همه بالليل وفضائحه بالنهار هي بالضرورة ستكون مهيأة للعمل على ضبط أدائها الإداري والمالي وتدعيم كوادرها بالكفاءات اللازمة، وبالتالي إعادة ترتيب أوراقها الفنية في ظروف حسنة وبيئة مناسبة، تمكنها من العمل باحترافية كان الجميع يطالبها بها دون أن يعرف أو يريد أن يعرف الظروف التي كانت تحول أمام العمل بها، وفي الغالب كان شُح المال وثقل الدين.
محمد بن سلمان أعاد تشغيل الكرة السعودية بضخ أضخم دعم مالي مباشر للأندية والشكر والعرفان الحقيقي الذي يريدهما رجل الدولة استثمار ذلك في الصالح العام ومراعاة الله في مستقبل شباب ورياضيي البلاد، الحفاظ على سمعة ومكانة المملكة في العالم، تطوير الأداء والارتقاء به لتحقيق أهداف الرؤية في ما يخص جانب الرياضة والشباب.