أزمة إدارة
منذ عدة سنوات أدرّس بالجامعة مادة "إدارة الأزمات"، وأحرص كما يعلم طلابي على ضرب الأمثلة من واقع اليوم لتقريب النظريات لأذهانهم؛ لأنني مؤمن بأن "الإدارة" هي "علم الواقع"، ولأنني معايش للمنظومة الرياضية عبر عضوية العديد من الاتحادات واللجان السعودية والعربية والآسيوية والدولية، فإنني أجد الأمثلة القريبة لعقول الطلاب الشباب المحبين لكرة القدم وشؤونها وشجونها؛ ولذلك كنت وما زلت أرى أن رياضتنا تعاني من "أزمة إدارة".
فكلنا متفقون على أهمية "الإدارة"، وربما نؤمن بالتخصص الدقيق فيها، ولكننا حين نأتي لإدارة المنظومة الرياضية نهمل هذا الجانب ونجعله في أسفل قائمة الأولويات، وأتذكر جيداً حين أقر الاتحاد السعودي بداية الألفية ضرورة تفريغ موظف متخصص لإدارة الاحتراف في النادي، وتكفل بدفع 7000 ريال من راتبه الشهري لتشجيع الأندية على استقطاب أفضل الكوادر المتخصصة برواتب مميزة، ولكن النتيجة أن غالبية رؤساء الأندية عينوا من يعرفون براتب 7000 ريال كان يدفعها الاتحاد السعودي؛ فكانت إشارة واضحة على "أزمة إدارة".
كما أتذكر جيدًا أنني لم أتمكن من حضور أول اجتماعين للجنة المنظمة لكأس العالم 2010؛ لأن الموظف المسؤول بالاتحاد السعودي لم يكن يعي أهمية الرسائل الواردة من الاتحاد الدولي، ولم يتم علاج الأمر إلا بالتواصل المباشر بيني وبين الاتحاد الدولي مع تنبيه الأمين العام ذلك الحين "فيصل العبدالهادي"، الذي عالج الأمر في حينه، لكن المشكلة عادت ففاتني الاجتماع الأول للجنة المنظمة لكأس القارات في روسيا 2017 بسبب "أزمة إدارة".
يقيني أن بالإمكان أفضل مما كان، إذا بذلنا جهدًا أكبر في البحث عن الكوادر الشابة المميزة القادرة على صناعة الفارق واللحاق بركب الدول المتقدمة رياضيًّا لأن الرياضة أصبحت صناعة تحتاج متخصصين في القانون والمالية والاستثمار والاحتراف، وكل شؤون وشجون الإدارة الرياضية؛ فلا يمكن أن نتطوّر ونتقدّم وننافس في ظل وجود "أزمة إدارة".
تغريدة tweet:
الحل برأيي في توسيع دائرة المديرين التنفيذيين وتفويض الصلاحيات لهم بعد العناية الفائقة باختيارهم، وبحسب معلوماتي الخاصة فإن هناك العديد من خريجي أفضل الجامعات العالمية بالتخصصات الرياضية، ينتظرون فرصة العمل وهناك أعداد أكبر على مقاعد الدراسة، نتمنى أن يتم التواصل معهم وتجهيزهم للمرحلة المقبلة التي تتطلب عملاً احترافيًّا تخصصيًّا مؤسساتيًّا مستمرًّا ومتطورًا، وعلى منصات الإدارة الرياضية نلتقي.