سلمت للمجد
حين كنت صغيرًا كانت "الكويت" وجهتي الخليجية المفضلة في السفر، وأحسبها وجهة غالبية جيلي؛ لأنها كانت تمثل بالنسبة لنا نقلة نوعية حيث المسرح المميز والانفتاح المقنن والإعلام الحرّ وأسباب أخرى، وكنت أحرص على التواجد في أرض أبناء العمومة يوم 25 فبراير للاحتفال معهم باليوم الوطني، في مسيرات رائعة لا تزال ذكرياتها راسخة في الذاكرة، وكنت أحفظ السلام الوطني الكويتي وأردد معهم بحماس "وطني الكويت سلمت للمجد".
وكبرت وتخرجت من الجامعة وتغربت لدراسة الماجستير والدكتوراه، وفي عزّ غربتي قام "صدام حسين" بغزو "الكويت"؛ فكانت أكبر صدمة سياسية في حياتي وأسوأ طعنة في الظهر، ما زلت أشعر بمرارتها إلى اليوم، ولكنها كانت في الوقت نفسه أهم مصادر فخري بالانتماء لوطني الغالي المملكة العربية السعودية، حيث الموقف التاريخي للمغفور له بإذن الله الملك فهد، حين أقسم أن تعود "الكويت" أو تذهب "السعودية" معها في أسمى معاني "سلمت للمجد".
وتمّ التحرير يوم 26 فبراير، وكأن مشيئة الله تريد أن يحتفل الكويتيون في يومين متتالين باليوم الوطني ويوم التحرير، وحين عدت للوطن بشهادة الدكتوراه كنت أخصص محاضرات يوم 23 سبتمبر للحديث عن اليوم الوطني السعودي، الذي لم نكن نحتفي به ولم يكن أحد من الطلاب يعرف معناه، وكنت أستشهد بالاحتفالات الكويتية التي عايشتها منذ الطفولة وما زلت أحفظ بعض كلمات الأوبريتات القديمة التي كان يدعى لحضورها ملوك السعودية، وكنّا نعيد مشاهدتها على أشرطة الفيديو التي انقرضت الآن، وبسبب تلك الذكريات كنت أكثر المطالبين بالاحتفاء باليوم الوطني والسعودي وتحويله إلى عطلة رسمية، وكنت أجد معارضة قوية من تيار الجمود الرافض للتغير، حتى هبّت رياح التغيير وصرنا جميعًا نقول "سلمت للمجد".
تغريدة tweet:
يقيني أن الاحتفاء باليوم الوطني يعزز مشاعر الوطنية، ويؤكد مشاعر الولاء والانتماء في نفوس الصغار والكبار، ويقيني جرعة الوطنية التي كان يحصل عليها الكويتيون كل عام في حياتهم كان لها دور كبير في تماسكهم، حين وقعت الأزمة الأكبر في تاريخ الكويت؛ ولذلك أسعد كثيرًا بتزايد جرعة الاحتفاء باليوم الوطني السعودي، وأفرح أكثر بالاحتفاء المتبادل بين السعودية والإمارات بأيامهما الوطنية في صورة تؤكد حالة الاندماج الذي تمثل في "خلوة العزم" التي ننتظر المزيد من نتائجها، وعلى منصات العزم والمجد نلتقي،،