2018-01-14 | 03:00 مقالات

آخر واحد حارس..!

مشاركة الخبر      

 

 

 

في هذا الزمن الذي تعاني فيه أنديتنا من قلة المواهب.. وتشتكي فيه ملاعبنا من غياب النجوم الفاعلين.. تعود بي ذاكرتي القريبة البعيدة إلى ذلك المصدر الذي كان يومًا ما منجمًا لكبار أساطير كرة القدم على المستويين الدولي والمحلي.. المصنع الذي لا يشتكي من نقص الأدوات أو ضعف جودتها.. المصنع الحيوي التقليدي القريب إلى القلوب والعقول.. المصنع الذي عشقناه في الصغر.. أعني بذلك دوري الحواري ومنافساتها الكروية.. "الحواري" أو "الأحياء" كما يحب بعضهم تسميتها، هي الأماكن التي ولدت فيها موهبة بيليه ومارادونا وكريستيانو وغيرهم الكثير بلا حصر.. المصانع التي أخرجت لنا موهبة الثنيان وبراعة الجابر وغيرهما من نجومنا المحليين الكبار..

 

أسرد معكم هذا الشريط في الوقت الذي تعيش فيه كرة القدم في الأحياء معاناة كبيرة، تبدأ من تقاعس المختصين وتنتهي بابتعاد الداعمين..!

 

إلا أنه وفي الوقت الذي عزفت فيه معظم القطاعات الحكومية والخاصة عن دعم الرياضة المجتمعية، وتقاعست عن دورها الاجتماعي في هذا الشأن، فإن هذا الأمر لم يكن سببًا في توقف مباريات وبطولات الأحياء أو أفول شمسها.. ذلك أن لتلك الرياضة روادها المخلصين.. وعشاقها الباذلين.. وممارسيها المتمرسين..

 

أولئك الأشخاص سخروا كل إمكانياتهم المالية والجسدية والفكرية لخدمة هذه الرياضة الأصيلة.. يتنافسون في خدمة عشقهم.. يتنازلون عن الكثير من المكتسبات والاشتراطات في سبيل تحقيق أهدافهم وتحويل طموحاتهم وأحلامهم إلى واقع يعيشونه ويجبرون المجتمع على احترامه..

 

قدر الله لي أن أحظى بأكثر من دعوة كريمة من محبي وعشاق ومنظمي بطولات الحواري خلال العامين المنصرمين في مدينة الرياض، وكان حضوري لتلك المباريات سببًا في إعادة شريط ذكريات، اعتقدت أنه محي من ذاكرتي بسبب ارتباطي الذهني بتطور النقل التلفزيوني في السنوات العشرين الأخيرة.. واعتقدت كذلك أن ما أشاهده في النقل التلفزيوني أو حضوري للمباريات الرسمية محليًّا وخارجيًّا سينسيني لذة متابعة مباريات الحواري.. أو دوري الأحياء كما يسميه بعضهم.. لكنني اكتشفت أن متعة مشاهدة مباريات الحواري لا تزال تملك نفس القدر والاهتمام في مخيلتي وذائقتي..!

 

لذا فإنه من الواجب على شبابنا وعلى رياضتنا وعلى مجتمعنا بشكل عام، أن نحث أصحاب الشأن في مختلف القطاعات وكذلك المقتدرين من أعيان المناطق أن يقوموا بدورهم تجاه هذه الفئة الغالية من شبابنا.. وأن يمنحوهم الدعم المادي والمعنوي الذي يكفل لهم ممارسة أنشطتهم بالشكل المطلوب والأسلوب الأكثر احترافية وسلامة..

 

أما من يظن أن كرة الحواري ستندثر وتتوقف لمجرد تجاهل فئة الداعمين والمتخصصين، فإنه واهم ولا يعرف حجم إصرار ومحبة وعشق شبابنا لكرة الحواري وعدم توقفهم عنها يومًا ما، لمجرد عزوف الداعمين أو تجاهل الجهات المعنية.. فهم أشخاص اعتادوا أن يمارسوا كرتهم بالحد الأدنى من المتوفر والمتاح، حتى إن استدعى الأمر أن يكون "آخر واحد حارس".. فالمهم ألا يتوقف اللعب..!

 

دمتم أحبة.. تجمعكم الرياضة.. ويحتضنكم وطن..