الرياضة فلسفة
ضاع مفهوم الفلسفة في سياق أحاديث تبحث عن القيمة في المسمى، وتترك المضمون؛ فالفلسفة باختصار هي التمعن في الأحداث بطريقة مغايرة، تبحث فيها عن القيمة الحقيقية للمعطيات وليس الدارج عنها، فعندما يكذب الطالب ليحمي زميله في الفصل، رغم أنه يعلم أن ذلك تصرف قد يجعله عرضة للعقوبة؛ فنظرة الفلاسفة لا تتوقف عندما إذا كان هذا السلوك صحيحًا أم خاطئًا، بل ما المعايير التي جعلته صحيحًا أم خاطئًا.
ذلك ما ذهب إليه لويس فاوغين في مؤلفه كتابة الفلسفة "Writing Philosophy "، وأرى أن الرياضة تحمل في طياتها خصال الفلسفة؛ فالنظرة لها تكون أكثر قيمة، فيما إذا كانت أوسع وأشمل، وتمتد للبعيد قبل القريب؛ فشخصيًّا أرى الأحداث الرياضية الدائرة في محيطنا لها أبعاد مختلفة عن تلك التي يستقرئها الكثير من الناس؛ فدورة الخليج كانت خلال حقبة زمنية ماضية مرحلة مهمة من مراحل الكرة السعودية، وساهمت بلا شك في تطوير لعبة كرة القدم لدينا، أما في الوقت الراهن فهي بالنسبة لي لا تحمل أي قيمة، ليس ذلك فحسب، بل إنها خرجت كثيرًا عن الأهداف التي أقرت من أجلها، وأصبحت تسيس في أحيان وفي أخرى تثير الزوابع، وبالتالي أرى أنه من الأفضل أن نتوقف تمامًا عن المشاركة فيها؛ فاهتماماتنا بصراحة يجب أن تبدأ من البطولات الآسيوية، ثم التمثيل المميز في كأس العالم، وإن لم يكن فالرديف يكفي.
وعلى جانب آخر، يأتيك معلق متخلف أو إعلامي أخرق أو لاعب مترنح، ويقذف بكلمة جوفاء في حق وطن الشموخ والعز؛ فتبدأ وسائل الإعلام والإعلاميون يرددون ما قاله هذا وذاك، مذيلاً ببعض التعليقات التي في الغالب لا تضيف جديدًا للموضوع، وإنما تساهم في تضخيمه، هم بذلك يحققون الهدف الذي أراده ذلك المتخلف والمتجسد في الانتشار وذياع الصيت، حتى إن كان لا يحمل أي قيمة تستحق الالتفات له، شخصيًّا أرى أن مثل هؤلاء النكرات من المفترض أن أحدًا لا يعيرهم أي اهتمام؛ فالقافلة تسير والكلاب تنبح.
وفي شأن ثالث؛ فبعضهم يرى ولا أخفي بذلك سرًّا أن تركي آل الشيخ أضر بالرياضة السعودية، بينما أرى شخصيًّا أنه عمل إضافة كبيرة لها، وهي التي كانت بحاجة إلى شخصية قوية تعيد الأمور إلى نصابها، بعد فترة الانفلات التي شهدتها، كما أنه وضع كثيرًا من الأمور في نصابها، وإن كنت أسلم بأن ليس كل ما عمله صائبًا، ولكن بصراحة هناك حراك وعمل بدأت في ظله الرياضة السعودية تستعيد مكانتها، بعدما توارت في مراحل ماضية، وأتمنى فقط أن تغطى كل التحركات بغطاء قانوني، مع التركيز على الخطط الاستراتيجية التي من شأنها أن ترتقي بالرياضة السعودية بعيدًا عن التصدي لدقائق لا تضيف كثيرًا.
وأختم بالقول إن إعلان رئيس الهيئة بتحويل قضايا الأهلي والعويس وأنمار الحائلي وعبد العزيزي التويجري ومحمد سعد بخيت وسلمان القريني إلى الاتحاد السعودي لكرة القدم؛ لاتخاذ اللازم، لا يعني أنها انتهت، بل على العكس يعني أن هناك قرارات ستتخذ من اتحاد الكرة تجاه هذه القضايا، ذلك من ناحية، ومن أخرى، فإن قضية البرقان لا تزال منظورة، أما قضية الفساد في نادي الاتحاد فهي مقرونة بالهدر المالي، أي أن القضية الاتحادية جزءان، الثاني هدر مالي، وذلك لن تصدر فيه أي قرارات، والأول الفساد، وهو الذي تنصب عليه الأنظار أملاً في أن يستعيد العميد حقوقه المسلوبة.