كلام في الإعلام
سنوات، بل عقود مرت، كان ينظر فيها للإعلام الرياضي على أنه الفاعل الرئيس لكل مشاكل الرياضة ومصائب الرياضيين، والسبب أنه في كل مرة يختلف في ميوله وألوانه عن منتقديه.
في العالم، لا يخلو أي نشاط من انقسام الإعلام حوله، أو من تبعية تجعل من هذه هي الوسيلة الإعلامية أو تلك، ناطقاً رسمياً أو محامي الدفاع للفكرة أو التيار أو الحزب أو النادي أو النجم، وكل ذلك معلن ولايمكن إخفاؤه، ومن ذلك تم التعايش معه في إطار قانوني مسموح به، لكنه يحرم على كل الأطراف المساس بالآخر بما يتعارض مع الأنظمة والقوانين.
نحن عشنا عقودا نحاول أن نوجد ما لاوجود له في العالم، والحجة طلب المساواة بمفهومها القاصر بين الأندية والنجوم، دون أن نريد أن نفهم أن ذلك خطأ أعلى، أحسن الأحوال لايمكن له أن يتحقق، بينما سمحنا للكل أن يسن أسلحته ويخوض معارك عبثية، واعتبرنا أن ذلك هو الصحيح، فكرة المساواة تجاوزت مفهومها إلى أخذ حقوق الغير أو حرمانه منها في سبيل إرضاء من لايملكونه.
دخل مصطلح الحياد عالمنا، أو تم جره إليه على اعتبار أنه الحل السحري الذي يرضي كل الأطراف، لم يكن الحياد يوما يعني مساواة أو السكوت عن الحقيقة أو استرضاء الجميع، فشل هذا العلاج، ولم يشعر من أطلق تهمة الانحياز أنه اقتص من خصومه، هو يريدهم أن يتنازلوا له بترك غريمهم ومناصرته هو، هو لايقول ذلك مباشرة ولكن عبر فكرة طلب المساواة.
هذا النادي والنجم والمشجع يسيء للإعلام، حين يتهمه بحرمانه من أخذ نصيبه من كعكته، لأنه دون أن يدري أو يدري يسيء للوسيلة التي ظهر على صفحاتها أو شاشتها ليقول ذلك، لكن هذه الوسيلة يجب أن تدري أنه يعني أنه لا يراها وسيلة إعلامية ترضي حاجته التي تتحقق في أخرى، يرى أنها لاترغب في أن تكون له ذات المساحة التي تمنحها لغيره وغالبا منافسه.
التسويق لوسط نظيف لايجب أن يكون عبر تلطيخ سمعة الإعلام أو الإعلاميين، لكن وسائل الإعلام نفسها مسؤولة، لأنها من أحدث هذا الالتباس، إما باختبائها خلف كليشات المثالية المزيفة أو بتصديرها لأشخاص تنسبهم للإعلام، فيما هم قد يكونوا خبرات أو كفاءات إدارية أو فنية أو قانونية أوغيرها، يشاركون في إثراء المحتوى ولايصنعونه أو يرسمون توجهه.
قاعدة واحدة لايمكن التنازل عنها في العمل الإعلامي، وهي عدم الإساءة للأفراد أو الكيانات، وغيره يمكن قبوله أو التفاهم عليه أو حتى رفضه، لكن دون منعه، لاننسى أن من كان يشتكي من سطوة الإعلام في الماضي يضرب اليوم بسوطه كل القيم وأخلاقيات المهنة، عند ما أتيح له ذلك.. سأعود للموضوع مرة أخرى.