2017-09-17 | 04:50 مقالات

ما ليش بالكورة.. لكن لي بوطني

مشاركة الخبر      

 

 

‬الكوميديان الجميل أحمد حلمي في كتابه المسلي "28 حرفًا"، الذي جمع فيه أكثر من 30 مقالة صحفية نشرتها له جريدة الشروق اليومية، وذهبت بين اتجاهات حياتية عدة كتبها باللهجة المصرية المحكية الودودة المزينة بظرافته، لم يكن ليبدأ تجربة الكتابة في الصحف لولا "كرة القدم"، التي لا يفهم فيها، ليجد بعدها القبول والتشجيع لاستمراره كاتبًا، آخروين كثر كانت بدايتهم مثل "حلمي"، منهم من نجح ومنهم من لم ينجح وأسوأهم على القارئ الذين استمروا وهم بين الحالين.

 

مقالة "ما ليش في الكورة"، التي قال عنها في "مش مقدمة"، إن لها مكانة خاصة في قلبه، ويسميها "مقالتي البكرية وأول خلفتي"، استعاد خلالها صورتين: الأولى مستدعاة من الذاكرة حين كان صغيرًا، وجرب أن يشارك رفاقه لعبة كرة القدم؛ ولأنهم يعرفون أنه لا علاقة له بالكرة؛ فقد سمحوا له بأن يلعب مع الفريقين في وقت واحد؛ فكان أول ما تصله الكرة يرسلها إلى المرمى الأقرب له!.

 

والصورة الثانية، حين كانت مواجهة مصر والجزائر 1989م، وكيف وجد الشوارع وقد خلت من ازدحامها المعتاد وسط القاهرة، وخيل إليه أن تلك فرصة لا تعوض لإنهاء بعض الأعمال، لكنه فوجئ أن الكل كان مشغولاً عنه بالمباراة، ليلجأ إلى أحد مقاهي التحرير، وهنا يقول: "قعدت على القهوة في شارع التحرير وطلبت "شاي"، وكان كل زبائن المقهى باصين جواة القهوة اتجاه التلفزيون، إلا أنا الوحيد اللي كنت باصص ناحية الشارع الفاضي، كأني مجنون بقالي ربع ساعة طالب شاي وما جاش".

 

ليصل "حلمي" لمعنى الكلام حين سجلت مصر هدف الفوز، وكيف تحول المكان إلى مهرجان فرح، تعانق خلالها كل من في المقهى مع بعضهم بعضًا دون سابق معرفة لأغلبهم، إلا أنهم مصريون فقط، وهذا يكفي. وفي آخر المقال يقول: "أخيرًا تحرك وجابلي القهوجي الشاي اللي اكتشفت أنه ساقع جدًّا بعد ما شربته، وما حسبتش عليه مش لأنه ساقع ولا لأَنِّي زوغت عن الحساب.. لأ.. لأن القهوجي مارضيش ياخذ حسابه احتفالاً بالفوز.. عرفت يومها أني جايز ما كنش كروي بس أكيد مصري".

 

البهجة والسرور اللذان يدخلهما انتصار وطني في أي أمر كان، لا يعادلهما شيء، ومن ذلك يبقى اشتراك كل الفعاليات الوطنية في التعبير عن هذا الفخر، كالتأهل للمونديال مثلاً بديهي، لكن تحويله إلى قوة دفع لتحقيق المزيد يحتاج إلى الخروج فيما بعد من دائرة الفرح إلى ساحة العمل لصيانة المنجز، وهنا تبدأ مسؤولية أهل الشأن والاختصاص ممن طرحت فيهم الثقة، حيث سينظر لهم بعين الرقيب المحاسب دون غيرهم، من الذين حتى لو "ملهمش بالكورة بس أكيد لهم في وطنهم".