ارتباك المشهد النقدي
سرعة القرارات التي اتخذت لتطوير كرة القدم السعودية، أو لتهيئة المنتخب لنهائيات مونديال روسيا 2018م، أدخلت أغلب وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي في حالة "ارتباك نقدي"؛ إذ إنها ترغب في دعم هذه الجهود، قيل الشيء وخلافه، وما كان خطأ صار صوابًا والعكس، حتى المعلومات التي سأقوها لتعزيز بعض الأفكار والمقترحات لم تكن دقيقة، أو مغلوطة بالكامل.
قرار الأجانب الستة، بما فيه مركز الحراسة، لقي إشادة وتأييدًا كبيرين، وتم ذكر إيجابياته، والإشارة بثقه إلى أن نتائجه ستصب في صالح الكرة السعودية، لكن الأصوات نفسها عادت لتستفسر، وكأنها لم تكن تعرف ما الذي جعل اللاعب الأجنبي يحتل جلَّ قائمة الهدافين، وكيف للاعبي المنتخب أن يجدوا فرصتهم في بعض الفرق؟ بل متى يمكن أن تجود الأندية بأسماء جديدة وسط هذا الزحام؟ وما مستقبل حراسة المرمى، وقد غزا الحراس الأجانب حراسة الشباك؟.
هذه الحاله من التناقضات مردّها هو الاستجابة السريعة للقرار من منطلق المساندة، وليس من منطلق القراءة والتحليل، ومن ثم إعطاء الرأي الذي سيكون ناضجًا، وفي مقدوره أن يخدم القرار وصانعيه بشكل أفضل؛ للوصول إلى النتائج الناجحة والمرجوة؛ إذ إن الناقد يختلف عن الموظف الذي يبادر إلى التنفيذ عادةً، بينما الناقد بالطبع لا يمكنه إيقاف التنفيذ، ولكنه يطرح وجهة النظر من خلال الصورة المكبرة التي تحيط بالتفاصيل كاملةً، وتفيد بأكثر الاستنتاجات قربًا إلى الصواب.
سأترك ذلك، فقد يكون له ما يبرّره عند كلٍّ من هؤلاء ـ الله أعلم ـ وسأسأل: هل الأشهر التسعة التي تسبق المشاركة في المونديال ستكفي لهذا الحراك، دون أن يصيب الإرباك خطة التحضير؟ وإذا كان المعني بمخرجات اللجان هو المنتخبات وبواباتها هي الأندية، فمن سيدعم من؟ ولأن المواليد فيهم الموهوب الذي خسرته الكرة السعودية، فهل سيكون على حساب الاهتمام بالناشئة والموهوبين السعوديين؟.
مشاركة المنتخب في روسيا لن تتخطى النجوم الذين ساهموا في تأهله، وبالكاد سيدخل للتشكيل الرئيس اسمان جديدان، والسبب هو أن اللاعب الذي ننتظر أن يكون من غير نسيجنا الكروي، لا يوجد إلا في بعض خيالات المنظرين والحكائين، والصحيح هو شحن نجومنا وتحضيرهم إيجابيًّا، وإعطاء الجهاز الفني فرصة الحكم على من يمكن إضافتهم إلى قائمة المنتخب، وعلى حساب من، دون دفعه إلى اختيار أسماء بعينها... أخيرًا، يجب التنبّه إلى مغالطة البعض في مسألة "نجاح اختيار لاعبين من دوري الأولى، حققوا إنجازات مع المنتخب، ولزوم تكرارها"، وهذا موضوع سأتطرق له بالتفصيل لاحقًا بإذن الله.