2009-01-05 | 18:00 مقالات

المتحدثون إلى الأبد

مشاركة الخبر      

في كتابه (المتحدث الواثق) يقول هاريسون مونارث ولا ريناكس: إن الجمهور عندما يستمعون لمن يطلقون على أنفسهم لقب خبراء فإنهم يريدون الشعور بالثقة من أن المتحدثين يعرفون ما يتحدثون عنه، ويضرب مثلاً بالقول: إذا تحدث شخص إليك عن فرص الاستثمار فإنك قد تشعر بالشك إذا علمت أنه يعمل في متجر بقالة.
ويسأل: هل تتقبل نصيحة تغذية من هؤلاء الذين يتسمون بالسمنة المفرطة، أو نصائح اللياقة من أشخاص يدخنون علبتين من السجائر يومياً؟ ويجيب هاريسون: “لا أعتقد ذلك”. فهو يرى أن أول شيء يبحث عنه الجمهور في المتحدث هو المصداقية، ويقول: “إننا نحب الاستماع للأشخاص الذين يظهرون معرفتهم بالموضوع، ولكي تتم رؤيتنا على أننا صادقون يجب أن تدل أفعالنا وأقوالنا على ذلك، أي يجب أن تتناسب أقوالنا مع ما نقوم به من تصرفات، فإذا ما قلنا شيئاً وقمنا بعمل العكس نفقد مصداقيتنا، ولا يخفي المؤلف هاريسون ماللإعجاب بالشخصية من تأثير على المتلقين، ولا يقلل من أهمية أن يحب الناس المتحدث لأنهم سوف يستمعون إليه وسيكونون أكثر استعداداً لقبول أفكاره وآرائه ويحسنون الظن به.
ويؤكد: هؤلاء الناس قالوا إنهم قابلوا أشخاصاً جعلوهم يحدثون أنفسهم قائلين: “إنني لست متأكداً من صحة هذا الحديث لكنني فقط أحب هذا الشخص”، وينصح المتحدثين بأنه بدون محاولة تغيير أسلوبك الشخصي فسوف تشعر بالدهشة من اكتشاف مدى سهولة أن تكون محبوباً، وعندما يحبك الناس فإنهم سوف يستمعون إليك، وعندما تؤسس المصداقية والحب في أذهان جمهورك فإنك سوف تجد مستمعين متقبلين لك في أي مكان تذهب إليه”، وهنا أشير إلى أن المتحدثين لوسائلنا الإعلامية خاصة التلفزيونية يقعون في مطب التناقض وعدم الظهور على سجيتهم، فهم في هذه المسألة لهم رأي يتناقض 180 درجة في ظهور آخر، فيما تصنّع الصدقية أو الوقار أو الجرأة لا يهم فجميعها سواسية طالما أنها ليست الشخصية الحقيقية للمتحدث، وهو كما يرى صاحب كتاب (المتحدث الواثق) أن عدم تغيير أسلوبك الشخصي يجعلك تكتشف مدى سهولة أن تكون محبوباً، كذلك عندما تؤسس للمصداقية والحب في أذهان الجمهور فإنك سوف تجد مستمعين متقبلين لك في أي مكان تذهب إليه، لكن مشكلة متحديثنا أنهم ينسون ما قالوه في زمان أو مكان آخر وتختلط عليهم الكثير من الأمور، إما لكثرة ظهورهم في محطات عدة ولمرات متوالية، أو لطول زمن البرنامج الذي يجبرهم على (اللت والعجن) والنسيان والتناقض، ناهيك عن تدخلهم في تخصصات متعددة اللياقة والاستثمار والإدارة والقانون وعلم النفس والعلاج الطبيعي والتكتيك.. الخ، مما يعيد مسألة المستثمر والبقالة واللياقة والتدخين المفرط والمشكلة دون أن يشعر أحداً منهم بذلك.