ما الذي يحدث؟!
موقعك من الأحداث له تأثيره على تفسيرها ووصف طبيعة مجرياتها وتصنيف ما تنتهي إليه، فمثلاً إذا كنت (حمساوي) أو الجهة التي تحركها أو الأخرى التي تستفيد من عملياتها ستقول إن ما يجري جهاد، وأن ما انتهت عليه الأمور نصر مؤزر ولن يلومك أحد، لكن عليك ألا تلوم من يقفون في الطرف الآخر من المعادلة إذا وصفوا ما حدث بالمغامرة غير المحسوبة وتوريط الأمة فيما لا قبل لها به وجرّ المزيد من المآسي والكوارث على شعب غزة وأن ما انتهت إليه الأمور موت وخراب ديار وزيادة في الانقسام بين الفلسطينيين أنفسهم.
أعود لقول ما كتبته الجمعة الماضي بأن للحقيقة أكثر من وجه، وأن تبني أي موقف مساند لهذا الرأي أو غيره إنما يعتمد بالدرجة الأولى على حجم الاستفادة، يشترك في ذلك عامة الناس بينما يفترض أن يكون في الإعلام معايير ومحددات يمكن أن ترجح أو حتى تفصل في المسألة بشرط أن تكون للوسيلة الإعلامية القدرة المهنية والإدارية التي تؤمن من خلالها عملاً رقابياً مستقلاً كسلطة رابعة، ويتعزز ذلك بوجود المسؤول الذي لا يغمض له جفن مع المنهج المحايد الذي يؤمن تدفق المعلومات المجردة من الرأي الذي يؤثر على استقبال المتلقي له، الخالية من ربطها بأهداف يقصد تحقيقها، كذلك فسح المجال للرأي الحرّ المسؤول والرأي الآخر المنضبط بآداب الحوار وأخلاقيات الاختلاف.
ما الذي نسمعه ونقرأه ونشاهده خلال هذه المرحلة، هل هو حراك إعلامي في الشأن الرياضي سيؤسس لمرحلة أخرى أفضل حالاً؟ هذا ما كنا نحاول قوله حين تكاثرت وسائط الإعلام وكثر الاهتمام بما تطرحه ثم بعد أن بات واقعاً فرضته الثورة التكنولوجية أم أنه فوضى وانفلات تجتاح المجتمع الرياضي بفضل هذه الوسائط أسوة بشرائح المجتمع الأخرى الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتي تتلقف ما يتعلق باهتماماتها وشؤونها من تلك الوسائط بنفس حالة القلق والخوف مما ستؤول إليه الأمور خاصة وأن مخاطر ذلك تفوق بمراحل ما يمكن أن تحدثه في مجتمع الرياضة.
حتى الآن الأمر مفتوح على كل الاحتمالات لكن ما علينا فعله على أقل تقدير هو الاستفادة من الأخطاء وعدم تكرار التجارب التي أثبتت فشلها أول ما أعتقد أنه ممكن أن يخفف من ارتكاب مزيد من الأخطاء إعطاء أمورنا الفنية للمتخصصين في هذا المجال وكذلك القانون والاستثمار والإعلام هذه بديهية لكن مع الحظر على تداخل هذه التخصصات مهما زعم البعض فهمهم ومعرفتهم بكل ذلك لا بد أن نقدر أن هناك مصابون بجنون العظمة وأن هؤلاء الطرازنيون سيقاتلون من أجل أن يترك لهم الحبل على الغارب لكن لا بد أن نتحمل ونصبر حتى نصلح الحال، سيكون حالنا أفضل إذا أعطي موضوع التحليل الفني للمباراة لمن يملك خلفية فنية ويستطيع أن يعبر عنها دون أن يتجاوز المستطيل الأخضر إلى المكاتب والمؤسسات الإعلامية والإدارية، كذلك الحال مع الإعلامي ورجل القانون والمتخصص في الإدارة والاستثمار دون أن يدخلوا محيط المستطيل الأخضر، هذا الفصل بين التخصصات حتى بقدرات عادية هو الخطوة الأولى الصحيحة لأن يتلقف المتلقي ما يمكن أن يثق في أنه رأي استنتجه صاحب صنعة، أما كفاءة هذا الاستنتاج فتعود لإمكانات صاحب التخصص وعليه أن يقنع الآخرين بها... للموضوع بقية أيضا.