كارت.. سلمان العودة
رفع د. سلمان العودة البطاقة الصفراء في وجه الكاتب الرياضي الذي يهاجم خصومه، والصحفي الذي يحرض على معاني التباعد والكراهية ولا يعرف قلمه إلا لغة الإثارة. وتطرق د. سلمان في لقاء نشرته الصفحات الرياضية بالزميلة الرياض إلى كثير من القضايا ذات الصلة بالرياضة الفعل والرياضة المتابعة والتشجيع، مبيناً أن هناك فرقاً كبيراً بينهما لما للأولى من أثر نفسي وصحي، فيما الثانية تحتاج إلى ضبط ليتحقق الاعتدال في المتابعة والتشجيع، واعتبر أن الرياضة أولى ما يمكن أن يطبق عليها ما ذهب إليه في أن البعض يعتقدون أن النقد الهادف هو حينما انتقدك، وأن النقد الهدام هو حينما تنتقدني، لأنه كما قال لمس إفراطاً في الولاء الرياضي لدى البعض على الرغم من أن الرياضة تمنح صاحبها سمواً أخلاقياً، وأن الإعلام الرياضي مسؤول مسؤولية كبيرة عن هذا الجانب حتى لاتتحول المنافسة إلى مناكفة أو شماتة، طارحاً سؤالاً عريضاً ومهماً (لماذا تفترض أن فوزك يعتبر هزيمة الأطراف الأخرى؟!)
د. العودة هو أحد أهم المفكرين الإسلاميين تواصلاً وحضوراً وقبولاً لكافة شرائح المجتمع وطبقاته، وأكثرهم استنارة وفهماً للواقع، الأمر الذي جعله يوظف علمه الغزير ومهارته في الاتصال في الخوض في كل قضايا الساعة وهموم المجتمع صغيرها وكبيرها، ويساهم في الإصلاح والتصحيح بإقناع غير ملزم وتصالح مع الأخطاء لمنحها فسحة الفهم والاقتناع لتصحح نفسها بنفسها أو هكذا كنت أتعايش مع ما يطرحه.
لكن لا أظن أن د. العودة حينما يحمل الإعلام الرياضي مسؤولية الولاء الرياضي المفرط الذي لمسه كما يقول عند بعض أصدقائه قد أصاب، لأنه لا يمكن أن يفترض أن يكون الإعلام وحده المسؤول عن نشوء الظواهر بهذا الحد، ناهيك عن زرع صفة التعصب أو خلافها مما هي كامنة في النفس ويمكن تأجيجها من خلال استثارات مختلفة كما هو التطرف سواء الفكري أو غيره، وكلنا نعلم أن التعصب كما تم تعريفه هو شعور داخلي يجعل الإنسان يرى نفسه على حق ويرى الآخر باطلاً، ويظهر هذا الشعور بصورة ممارسات ومواقف ينطوي عليها احتقار الآخر وعدم الاعتراف بحقوقه وإنسانيته، وأن العوامل المؤدية إليه ترتبط بالفرد أي تكوينه النفسي دون إنكار لدور ما يحيط بالفرد ومن العوامل التي ترتبط بالفرد كما جاء في التعريف محاولة الفرد اتباع حاجاته وأيضاً التعبير عن العدوان، إذاً فهو ظاهرة قديمة سبقت الإعلام الذي يمكن له أن يساهم في التخفيف من حدة التعصب أو زيادته ليس أكثر من ذلك.
كذلك لابد من التأكيد لشيخنا الذي يندر أن تجد من لايتفق معه أن الرياضة التنافسية تختلف كلياً عن الرياضة البدنية، ومن هنا فإن الفوز هو حجر الزاوية في المشاركات والفعاليات، وأنه دون الفوز على الآخرين لن تجد من يشجعك ولامن يتابع أو يدفع الأموال لتطور هذا النشاط، وستصنف رياضيا في المراتب الدنيا وفي مصاف الدول المتخلفة، وتعلمون ياشيخنا أن هذا تصنيفنا في مناشط ومجالات حيوية أهم – يعني ماحنا ناقصين – إلا أننا نتمسك بدعوتك نحو تحقيق ملء نصف الكوب، إذ يمكن أن نتنافس دون أن نكون أعداء، وأن تكون لنا ولاءات رياضية دون أن نفرط، وأن نحرص على الفوز على أن نتقبل الخسارة، وأن نتحاور تلفزيونياً لا أن نتحارب.. وهكذا.
ما أود أن أختم به أسئلة للدكتور سلمان ولغيره: هل يشكو مجتمعنا من التعصب الرياضي فقط وهل إعلامه هو من يهدد استقرارنا وترابطنا وأمننا الفكري وهل التعصب للرياضة من خلال أنديتها ونجومها، وما يجري من أحداث خلال مبارياتها وتداعياتها هو ما يمكن أن يثير الخوف على البلاد والعباد ؟!