الحقوق بالأنظمة لا بالإعلام
تفرز بعض الأحداث مطالبات عالية السقف إما عن حاجة فعلية لها أو استغلالا لما يمكن أن يكون قد هيأه المناخ الجديد من أرضية لقبول هذه المطالبات التي ربما يصح أن يقال عن بعضها تمنيات أكثر مما هي مطالبات لتجاوزها حدود الممكن.
القبول هذا إن كان للقبول ليس أكثر أرى أنه أكثر خطأ من رفضه ليس من باب العند بل لأن (عقلنة) المطالب هي البداية الصحيحة لتحقيق الممكن منها وهي التأكيد على احترام عقول المطالبين وليس مسايرتهم خشية غضبتهم وانقلابهم على شخصك أو موقعك، وحتى لا تكون فارساً على حصان خشبي قل الحقيقة وتمسك بها فلا طائل من محاورة الغوغائيين.
هذا التصور أرى أنه طوق النجاة حين يضطرك الظرف أن تكون في منطقة وسطى بين أصحاب المطالب المشروعة وبين من يركبون موجتهم لإنجاز مصالحهم سواء بالدعم أو التحريض.
كل قضايانا الرياضية الصغيرة منها والكبيرة تأتي بذات الصورة دائماًَ هي حادثة وأطراف بالأصالة وأخرى بالإنابة وحولهم وبينهم آخرون يحاولون استثمارها بحسب أجنداتهم وخلف الجميع جهات تحريض على شكل إعلام إما أن يقول أو يفتح الباب لمن يقول ما يريد أن يقوله هو، وفي كل حادثة يتغير اللاعبون ومعهم الأطراف المعاونة والمستفيدة وتتغير المنصات الإعلامية كل ما فعلته الفئة (A) وذاقت مراراته الفئة (B) واعتبرته تعدياً وفجوراً تعيده الفئة (B) وتأخذ الفئة (A) المكان نفسه فتلطم وتولول وهكذا.
ما يعول عليه هو ثبات جهات الحل والعقد وعدم انسياقها خلف أي شيء من ذلك وجعل الأحكام والقوانين هي الضامن ومن يحكم بين الجميع لا أن يكون مبنياً على تقارير صحفية أو مداخلات تلفزيونية، لا يجب أن يفعل الحدث مهما كان جسيماً أو مفاجئاً أو غريباً أو طارئاً مفعول الصدمة التي تجعلنا نستبدل اللوائح بالعواطف لا يجب أن يجعلنا هيجان الشارع تخشى تطبيق أحكام وقوانين معلنة ولا حتى أن نعالج خطأ عدم تطبيقه ذات يوم بتمريره يوم آخر ولا تجاوزنا عنه مع ناد أو لاعب أو رئيس يخدعنا بأنه من العدل أن نكرر ذلك مع غيرهم.
إننا نتوق لأن ينادي الجميع بإشاعة الثقافة الحقوقية أن نعتادها ونسلم بها بكل ما فيها أن يكون التقاضي أمام هذه الجهات وليس عبر وسائل الإعلام أن نأخذ حقوقنا عبر التمشي بمقتضيات الأنظمة وقوتنا بقدر فهمنا لآلياتها وحمايتنا لمصالحنا من خلال قدر معرفتنا بما لنا وعلينا وأن يكون ذلك جزءا من الوعي أو الثقافة التي ينادي البعض بأن تكون من مكونات رياضيينا لا الثقافة والمعارف الأخرى التي ربما يعرف من خلالها أشياء ليس لها علاقة بشأنه كرياضي لأنه بذلك لن يكون مثقفاً في مجاله وهذا ما لا يفهمه الذين لا يفهمون من الثقافة إلا اسمها.
ليس بالضرورة أن يرضي الإعلام أصحاب الصوت العالي ولا أن ينافق للغوغائيين ولا أن يساير المسؤولين ويتحمل أخطاءهم أو يجملها وعليه أن يقوم بمهامه مع كل حدث وفي كل قضية من خلال معرفته الحقيقية بدوره وما يجب عليه فعله.
على الطرفين الجهات المسؤولة والمعنية والإعلام ألاّ يضبطا عملهما على ردود الأفعال بل بمسارعة الحسم في الاتجاه الذي يرونه صحيحاً.. الاتجاه الذي حددوه سلفاً عبر خطط العمل ولوائح وقوانين اللجان.