لا شيئ يستحق ما دفع من أجله
الكثير منا يقيم الاحتجاجات أو الهبّات أو الانتفاضات التي تندلع في أي بلد من خلال موقفه من حكومة أو نظام هذا البلد أو ذاك.
حتى التسمية أو التوصيف له اتصال مباشر ومهم بعلاقة الطرفين إذ يمكن أن تسمي ما يجري حالياً في الدول العربية (فوضى) وآخر (ثورة) وآخر يرى أنه (ربيع عربي) وبين الفوضى والثورة تشابه في الشكل لكنه مختلف جداً في المحصلة النهائية على أن ما حدث خلال الأشهر الماضية وما زال يحدث حتى الآن ليس بثورة على أقل تقدير إذا ما كان محرماً علينا أن نصفه بالفوضى.
الانقلابات والثورات والانتفاضات وكل المصطلحات التي تدور في هذا الفلك يتم تعريفها في كل مرحلة على نحو مختلف وكله يصب في مصلحة من يريدون له هذه التسمية أو تلك، هم يفصلون المصطلحات على مقاساتهم وكيف يريدون لها أن تكون إلا أنه مما لا يمكن لنا الحصول عليه هو حقنا في مساءلة هؤلاء أو محاسبتهم عندما نكتشف بعد فوات الأوان أن لا شيء تم يستحق كل ما دفع من أجله.
سنسمع نفس الشعارات وبالحماس والصخب ذاته وسيتم تقسيمنا مرة أخرى إلى تقدميين وإلى رجعيين حتى وإن بلغة جديدة أو آليات أخرى وسيعتقد الثائرون على الظلم والفساد أنهم قادرون على محوه وإزالته إلى أن تقف في وجوههم ذات يوم الجموع مجدداً لتقف من أجل صدهم عن طغيانهم وفسادهم هم.
إن الظلم والفساد يعيد إنتاج نفسه في أي مجتمع لا تحكمه ضوابط وقوانين تسمح بكشفه ومعالجته قبل أن يصبح في حاجة إلى أن تنفي نصف الشعب وتسجن وتعدم نصفه الآخر.