2011-09-23 | 18:00 مقالات

حين اقتنع الكل بخيار الوحدة

مشاركة الخبر      

على خلاف ربما بلاد العالم قاطبة لا فضل أو منة لأحد على هذه البلاد، فالله سبحانه مكن قادتها وهو سبحانه من جعل هذه الأرض منبت خير، ومربى عز، ومحضن سلم ووئام، فكانت هبة الله لمن أخلص له النية فأعانه على فعل ما يعجز أن تخطط له عقول مهما قيض لها من الفكر والنباهة والدهاء وجعلها تدين وتخضع لرجل اصطفاه البارئ دون غيره ليهبه هذا الملك، وهو العالم سبحانه أنه ما كان لهذه الأقاليم والوهاد والجبال والصحاري والبحار أن تتداخل وتتواشج لا بقوة سلاح ولا كثر العتاد والرجال، هيأها الله لتكون تحت حكم رجل اختاره بعد أن هداه علمه وفقهه وأحسن نيته ودله على خير العمل وصلاحه ورحم به عباداً له كانوا في أمس الحاجة للأمن والاستقرار، يمنون النفس في عيش هانئ رغد، وإلى من يأخذ بيدهم إلى عوالم ما وراء كثبان الرمال، ويقطع الطريق بهم حيث يعيش العالم نحو الحرية والكرامة والعزة التي يستحقونها وأهل لها كان الملك عبدالعزيز ـ طيب الله ثراه وأحسن مثواه ـ صانعاً حقيقياً للتاريخ، خاض أهم وأقوى معاركه ضد الجهل والفقر والخوف، ونجح في تأسيس قواعد المدنية فكانت التنمية بخططها المتوالية تستلهم الكثير من تطلعاته وتحقيق بعض من أمانيه، فيما ظلت الوحدة الوطنية التي هندسها وصنعها وجاهد من أجل تعميقها هي ما يمكن تسميته بالعمل الإعجازي أو ربما في نظر البعض بالمستحيل الذي تحقق، لا بد من القول إنه يمكن القبول بأي وصف للعمل الوحدوي العظيم إلا أن ما يجب ألا نتجاهله هو أن أسباباً هامة كانت الأسباب الضرورية لنجاحها وهي أن عبدالعزيز خلاف أنه كان مؤمناً صادقاً فإن سياسته الداخلية أدت إلى الوحدة أو أسرعت بها وكانت قد وجدت صدى وتجاوباً بل وتلاقياً من كل أطياف هذه الأقاليم وهي مستندة على الاحتكام إلى كتاب الله وسنة رسوله وحفظ النفس والعرض والمال واحترام الكرامة وحقوق الناس والرفق والمودة بالتوازي مع تنفيذ برامج تنموية على قدر الإمكانات المتوافرة حينها شملت التوطين والزراعة والتعليم والصحة والرعاية الاجتماعية وهو ما تبلورت معه فكرة الدولة الحديثة أو المضي نحو خلق مثل ذلك في سنوات لا تنفصل كثيراً عن سنوات التشرذم والجوع والجهل والفقر، وهو ما عزز الشعور الوطني الوحدوي لدى المجتمع وساهم أكثر في الانصهار والتماهي بين الثقافات المختلفة بعض الشيء، وإلى التمازج الاجتماعي عبر المصاهرة والعلاقات الإنسانية المتنوعة حتى بات مجتمع هذا الوطن نسيجاً واحداً لا تزيده دعوات الاختلاف إلا حرصاً على التماسك والتمسك بمكونات الوطن التي صنعت منه دولة ذات وزن وثقل على كافة الأصعدة.
كل مناحي الحياة في هذه البلاد لها تاريخ دوّنه المؤرخون واحتفظت به الكتب والسجلات، أسماء لأمكنة ورجال أسسوا للبداية، وآخرون لمراحل متتالية أفضت في يومنا هذا إلى كيانات ضخمة وكبيرة ساهمت في مسيرة النهضة والتنمية، وما حققه شباب ورياضيو هذه البلاد هو حلقة في منظومة تتكامل وتزهو اليوم بذكرى وحدتها الوطنية الحادية والثمانين، عقوداً ثمانية وإن طالت ثمانين حولاً وإن سئم منها شاعرنا زهير بن أبي سلمى كناية عن طول ما كابد فيها وما مر فيها من أحداث وأهوال إلا أنها وحدها فقط لم تكن لتقيم وحدة لولا أن القلوب اتحدت واجتمعت بفضل عبدالعزيز بعد أن مكنه الله من أن يحكمها بالعدل والعقل والحكمة، وأن يجعل من كل عمل أو قول كيمياء قربت وصهرت وعززت الإيمان والقناعة بخيار الوحدة وضرورة التوحيد.. رحم الله عبدالعزيز الأب والقائد والموحد.

رئيس التحرير
saad@arriy.com