كم تبقى من القنوات؟
إذا كان الفضاء ينشغل بأكثر من 700 قناة تلفزيونية عربية متنوعة حوالي 25 % غنائية فإن أمر إطلاق قناة تلفزيونية لم يعد يوازي ما كان عليه قبل عقدين من حيث أهمية التأثير ولا الكلفة ولا القيمة الفنية ولا الاعتبارية.
الحيز والتردد على الأقمار الاصطناعية ليس كافياً لأن تقدم عملا تلفزيونيا مشاهدا ولا مؤثرا وبالتالي غير مقنع للمعلن الأمر الذي يجعل الصرف على تشغيل القناة عبثاً وجنوناً، ناهيك عن تطويرها.
ما يهم في انتشار القنوات بمختلف تخصصاتها وتوجهاتها وهنا أتحدث عن القنوات الهشة التي زوالها مسألة وقت هو أن الخائفين مما تصدره من فساد أخلاقي أو عقدي قد ثبت أنه خوف في غير محله، لأنه حتى الإفساد يحتاج إلى قدرة وكفاءة ربما تفوق ما تحتاج عند تقديم المادة الإعلامية التي تهدف إلى الإصلاح والقنوات هذه لا تملك المقومات التي يمكن لها أن تصنع منها رقماً مؤثراً في خارطة البث التلفزيوني الفضائي.
إن المشاهد أي مشاهد وفي أي مكان ليس لديه الاستعداد للارتهان لهذه القنوات أو التأثر بما تقدمه فهي سيئة البث، بليدة العرض، لا تملك قدرة الجذب ولا إمكانية تقديم خارطة برامج ذات قيمة فنية عالية سواء تبني أو تهدم.
لقد تسابق بعض رجال المال وليس الأعمال لامتلاك قنوات يمكن لهم من خلالها تحقيق بعض من الوجاهة أو تمرير شيء مما يعتمل في داخلهم كل حسب تركيبته وبنائه النفسي والاجتماعي والثقافي، وانتهى الأمر أن قام المشاهد بعملية فرز خلال سنوات قليلة جداً ليرمي ما مجموعه 650 قناة من الـ700 ويضع تحت المراجعة والتقييم الدائمين نصف المتبقي وينتقل بجهاز التحكم ما بين ما لا يزيد عن 20 قناة يشاهد هذه ويترك تلك بحسب اهتماماته ورغباته ودون أن يكون هناك ما يجبره على شيء.. العبرة ليست في إيجاد وسيلة إعلامية ولكن في جودة وقيمة هذه الوسيلة واكتمال شروط الظهور ثم التطوير والتجدد.