مصير البقية.. 2
قلت إن تغير وسائل المشاهدة والاستماع والتواصل الاجتماعي والثقافي لم يستدع المطالبة بأغلاق مصانع أجهزة التلفزيون والراديو أو إغلاق أبواب قاعات وصالونات ومنتديات يطرح فيها قضايا للنقاش والحوار وذلك عكس ما تواجهه الصحافة المطبوعة التي تواجه استفزازاً ومناوئة بحجة أيضاً تغير وسيلة قراءتها، وأن ذلك له أسباب تتعلق بالصراع الخفي الذي كان يدور بين الصحافة ودوائر اجتماعية وسياسية وأمنية ومن عامة الناس لم تخلو من تبادل الاتهامات وتحميل الصحافة مسؤولية أمور كثيرة ربما حتى أنها لا يمكن أن يكون لها فيه يد حتى لو أرادت مما يعني أن الهجوم العدائي الذي تواجهه الصحافة المطبوعة يحمل في داخله أسبابا وأسبابا وأنه آن الأوان لتصفية الحسابات معها.
كل ذلك الذي أشرنا إليه لم يكن فيه أي ظن أن التحول حتمي لا محالة وأن الصحافة المطبوعة كغيرها من وسائل الإعلام التقليدية يتم مزاحمتها وبقوة بوسائل جديدة وربما متجددة مع مرور الزمن إلا أن الذي لا زال يحتاج إلى اهتمام هو ما إذا كان المزاحمون المستخدمون لهذه الوسائل هم أصحاب فكر جديد خلاق يحققون للمهنة شروطها، ويتولون القيام بالدور الذي قامت به الوسائل التقليدية فيما يعتبر مرحلة يتم إسدال الستار عليها أم أن هذه الوسائل التقنية ستظل في نفس الأيدي وتحركها نفس العقول، كل هذا أمر مهم، كما أن الأهم هو ما إذا كان في هذه الوسائل الجديدة إمكانية تقديم إعلام على نحو متغير ومختلف أو يساعد عليه، إذ بخلاف سرعة الوصول وسهولته لم نلحظ بعد أن لهذه الوسائل ما يمكنه أن يعزز وجودها أو قناعة المتلقي الفطن في أنه حصل على مبتغاه في ظل الحديث الذي لا ينتهي عن إعلام جديد ينهي عقوداً من التضليل وتكميم الأفواه واحتكار الصوت، كما يرى البعض ممن يبشرون بفضائل الإعلام الجديد أن ذلك لن يكون كافياً لأن يقنع المتلقي أنه وجد ضالته التي كان يسعى لها، وأن الوسائل الجديدة ليست موصلة لما هو جديد، والأمثلة كثيرة، وإذا ما اكتفى البعض بذلك دون النظر إلى جدة الفكر والطرح والأسلوب في إطار أخلاقيات المهنة وآدابها وشروطها فلن يجدي ذلك شيء هل هو إعلام أم وسائل جديدة؟ هذا هو السؤال.. للحديث صلة.