دعوة للارتقاء
كمحب لهذا الوطن أفتخر حين يرتقي وأتألم حال حدوث العكس، وكمنتم للوسط الرياضي يتأرجح شعوري بين الفخر والألم في حالات كثيرة، لدرجة لم أعد أعرف أي الشعورين أكثر. وسأترك لك عزيزي القارئ الإبحار مع المقال كبداية لتطلق لفكرك العنان وتقرر أيهما يغلب الآخر شعورك بالفخر والاعتزاز أم الألم وخيبة الأمل؟
أفتخر بكرة القدم السعودية حين أعلم أننا نتبوأ مركزاً متقدماً جداً على المستوى الآسيوي، في حين يخيب أملي في قطاعات التعليم والصحة والمواصلات والمرور وغيرها حين أقارنها بالدول المتخلفة في آسيا ناهيك عن النمور الآسيوية التي سبقتنا بسنوات ضوئية في أغلب المجالات إلا كرة القدم حيث ننافس بقوة على مستوى نتائج المنتخبات والأندية والنجوم.
أفتخر بالقفزات النوعية في أسعار حقوق النقل التلفزيوني، ولكنني أستحي حين يعلم القاصي والداني بأن التلفزيون السعودي لازال ينقل أهم 90 مباراة في الموسم بسعر خمسة وعشرين ألف ريال للمباراة الواحدة في الوقت الذي تصل فيه بعض مباريات الدوري الإنجليزي إلى ثلاثين مليون ريال للمباراة الواحدة، وأجد صعوبة في فهم مبررات التمديد لموسمين رياضيين لراديو وتلفزيون العرب، وأتمنى أن يكون ذلك سبباً في تطوير تقنيات النقل والصورة، فالمشاهد أصبح يشاهد على نفس الشبكة مباريات دوري أبطال أوروبا ويكتشف الفروقات الكبيرة لصالح الدوري الأوروبي في نقاء الصورة وتميز التعليق واختيار وقت وزاوية الإعادة البطيئة، وتزداد خيبة أملي المحلية كلما شاهدت الإعلانات العشوائية التي تخفي نصف الشاشة أثناء سير المباراة، وهو أمر يتناقض مع أبسط أبجديات النقل التلفزيوني التي تقرها الأعراف والاتحادات الدولية.
أفتخر بالطفرة الاستثمارية في دخل الأندية من الإعلانات والتذاكر بعد أن تسلمتها الأندية، وفي الوقت نفسه أشعر بخيبة أمل كبيرة بسبب الإخفاقات الكبيرة لبعض الأندية في هذين المجالين، فيما يخص الإعلانات لم أشاهد في حياتي ملعباً يحاط بمعلن واحد طيلة المباراة إلا في بعض ملاعبنا، وفي ذلك خلل تسويقي واضح يجب أن يصحح في الموسم المقبل، ولكن ينبغي ألا نعميها ونحن نسعى لتكحيلها، فقد صدمت بوجود أسماء محلات وليس شركات تشوه منظومة الإعلان في الملاعب السعودية، بل إن مسئول تسويق في واحدة من أشهر الشركات العالمية قال لي: "أريد أن أستثمر في إعلانات الملاعب ولكن بعض الأسماء المتواضعة في قائمة المعلنين تمنعني من وضع اسم شركة عالمية مع تلك الأسماء".
ختاماً .. أتمنى من الأندية والشركات الراعية والمسوقة ومالكة حقوق النقل التلفزيوني أن تضع التجارب الدولية المتقدمة نصب عينها وهي تقرر سياساتها الاستثمارية حتى لا نجد "بقالة السعادة" على قميص النادي السعودي، ولا تصدمنا "ملحمة أو مشحمة أو منجرة الأمل" باحتلال موقع مميز في اللوحات الإعلانية في الملاعب، ولا تظهر لنا على الشاشة حفائظ الأطفال والنساء أثناء سير المباراة، فحين يغيب الحس الرياضي الراقي فلا عجب من حدوث تلك الكوارث .. وعلى دروب الارتقاء نلتقي..