ابن همام وقلم الدهام
سأطلعكم اليوم على بعض أسرار وخفايا الأيام الحاسمة التي سبقت انتخابات المقعد الوحيد المطروح هذا العام لتمثيل آسيا في تنفيذية الاتحاد الدولي "فيفا". حيث كان التنافس بين رئيس الاتحاد الآسيوي "محمد بن همام" ورئيس الاتحاد البحريني "الشيخ سلمان الخليفة"، وقد بدأت المنافسة قبل ثلاثة أشهر فقط من الآن وتحديداً في شهر فبراير الماضي. كان "ابن همام" وقتها مأخوذا بالمفاجأة ويتوقع عدم وجود منافسة بين الطرفين، في حين كان "الشيخ سلمان" واثقاً من قدراته ومن دعم الكبار في إحداث المفاجأة.
قررت القيادة الرياضية السعودية أن تعطي صوتها للمرشح البحريني وأعلنت ذلك بشكل صريح كجميع المواقف السعودية الواضحة والصريحة، وللصوت السعودي وزن وثقل لا يخفى على العارفين، وجاء الدعم من عمالقة الشرق اليابان وكوريا الجنوبية والصين، ودخلت الكويت كلاعب رئيس بسبب خلافات شخصية بين "ابن همام" والشيخ "أحمد الفهد"، وتبعتها ماليزيا بسبب تفكير رئيس الاتحاد الآسيوي في نقل المقر من كولالمبور، وبدأت تسخن اللعبة وتوالت الرحلات المكوكية للمرشحين ومناصريهم.
وصلنا إلى ماليزيا مختلفين في ترجيح كفة أحد المرشحين، فهناك من يرى أن خبرة ونفوذ "ابن همام" كافية لحسم السباق، بينما يرى الفريق الآخر أن بعض سلبيات العمل الآسيوي والرغبة في التجديد كفيلة بترجيح كفة "الشيخ سلمان"، وهناك من يشطح في الترشيحات فيجعل المنافسة غير متكافئة. وكنت حينها أقول إن الفارق لن يتجاوز ثلاثة أصوات مع معرفة الأصوات المؤكدة لكل مرشح.
كان "الشيخ سلمان" يعقد اجتماعاً يومياً في تمام الثالثة عصراً في فندق "ريتس كارلتون" يقودها بجانبه الشيخ أحمد الفهد والدكتور تشونج الكوري، بينما كانت اجتماعات "ابن همام" في مقر إقامته بفندق "مندرين" يديرها الرئيس بمساعدة فرناندو والسركال، وكانت دول أخرى تميل إلى أحد المعسكرين ودول التزمت الحياد، وقد حضر الجلسة الأخيرة للشيخ سلمان 28 اتحاداً لم يصدق منهم سوى 21 .
في جلسة المكتب التنفيذي الآسيوي التي سبقت الانتخابات بيوم واحد، اقترح "ابن همام" السعودية والهند والصين كمراقبين لعملية التصويت وعدّ الأصوات، واعترض البعض كون السعودية تنتمي لنفس منطقة المتنافسين، ولكن الرئيس أصر على أن السعودية فوق الشبهات ويشعر بارتياح لوجودها كمراقب وإن كانت قد أعطت صوتها لمنافسه على المنصب. وبالفعل اكتشف "فيصل العبد الهادي" الخطأ في تعبئة أستمارة التصويت لاتحادين وضعا علامة صح في أحد المربعين وخطأ في المربع الآخر، في حين كانت التعليمات تنص على ترك المربع الآخر خالياً.
قبيل بدء مؤتمر الجمعية العمومية اكتشف "ابن همام" أنه نسي إحضار قلم، فسألني ولم يكن معي، فطلب من عبدالرحمن الدهام، الذي أعطاه القلم وأخبره – مازحاً – بسعره، وبعد حسم النتيجة أصر "الدهام" على أن يكون القلم هدية تذكارية للفائز، وللدهام قصص تحتاج مقالاً آخر.
في رحلة الانتخابات تهدمت جسور وتصدعت أخرى، ومن أجل مستقبل الكرة الآسيوية لابد من إعادة بناء تلك الجسور على أسس صحيحة تكفل العدالة وإعطاء كل ذي حق حقه .. وعلى دروب الحق نلتقي...