الشركات الذكية
قبل عشر سنوات كانت الأندية تفرح بالإعلان على قميص النادي بـ خمسين ألف ريال في المباراة المنقولة، وكانت الرئاسة العامة لرعاية الشباب تمتلك حقوق لوحات الملاعب وتقوم ببيع التذاكر وتوزعها على الأندية، فكانت الموارد المالية شحيحة. حتى قامت الرئاسة العامة لرعاية الشباب والاتحاد السعودي لكرة القدم بتأسيس بيئة استثمارية متميزة تزامنت مع إقبال شركات الاتصالات على الاستثمار في الرياضة، فتحققت قفزات هائلة في نوعية وقيمة رعاية الأندية السعودية، وكانت "الشركات الذكية"(الاتصالات السعودية وموبايلي) فرسا رهاناً في سباق التميز الاستثماري.
وشهدت السنوات الأخيرة رعايات شاملة للأندية الجماهيرية، ويقيني أن "الشركات الذكية" خططت لتعظيم مكاسبها والاستفادة القصوى من تلك الرعايات، ولأنني قريب من مسئولي تلك الشركات فثقتي في ذكاء القائمين عليها تعزز ثقتي في نجاح مشروع رعاية "دوري زين السعودي"، فالأذكياء يعلمون ما يخفى على غيرهم، ولعلي ألخص ذلك في نقاط هامة:
"الشركات الذكية" تعلم أن الاستثمار في الرياضة من أكثر المجالات ربحية، ولذلك تقدمت بجراءة للاستثمار بقوة للوصول إلى شريحة الشباب من منصة الرياضة، ولذلك فإن هيئة دوري المحترفين لن تجد في الوقت الحاضر راعياً من خارج الشركات الذكية.
"الشركات الذكية" تعلم أن الأندية السعودية لم تكن لتشارك في دوري المحترفين ما لم يتم استيفاء كافة شروط الاتحاد الآسيوي، كما يعلمون أن ذلك يتطلب مبالغ طائلة لن تتوفر إلا عن طريق رعاية الدوري كما هو معمول به في كل دول العالم المتقدمة كروياً.
"الشركات الذكية" تعلم أن شركة صلة الرياضية المسوق التجاري لحقوق الدوري قد قامت بعرض حقوق الرعاية ولائحة التسويق على جميع الشركات التي يحتمل أن تقوم بالاستثمار في الرياضة وفي مقدمتها شركات الاتصالات، ولكن شركة "زين" فازت بالمنافسة التي كان يمكن أن يفوز بها غيرها.
"الشركات الذكية" تعلم أن للنادي حقوق يملكها ويبيعها على من يشاء، كما أن للجهات المنظمة للبطولات حقوق تملكها وتبيعها على من تشاء، فأكتاف القميص ليست من حق النادي بل هي ملك لمنظم البطولات، ومن يتابع كرة القدم يشاهد شعار راعي البطولة، ولذلك بادر الاتحاد الدولي "فيفا" بإلزام شركة "لوتو" المصنعة للملابس بتصغير شعارها الموجود على الأكتاف بحيث يمكن تغطيته بشعار راعي البطولة.
"الشركات الذكية" تعلم أن علاقتها المميزة مع الأندية التي ترعاها تشكل عاملاً هاماً في ولاء جماهير الأندية لتلك الشركات، وأن أي تأخير لالتزاماتها مع الأندية قد ينتج عنه رد فعل معاكس، فتخيلوا لو نزلت الأندية في مباراة ودية وقد طمست شعار الشركة الراعية وكتبت عليه "لم يلتزم الراعي بعقده فطمسنا شعاره"، حينها ستكون ردة الفعل أكبر من جماهير النادي، وتخسر "الشركات الذكية" أكثر مما ربحت، ويقيني أن "الشركات الذكية" أذكى من ارتكاب هذه الغلطة.. وعلى منصات الاستثمار نلتقي.