القصيم والإمام والإعلام
حين تذكر منطقة القصيم يتبادر للمتلقي صورة ذهنية بعيدة تماماً عن الواقع، والأمر ذاته ينطبق على جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التي أفتخر بالانتماء لها، فكلاهما يعطيان انطباعاً بالانغلاق والتشدد وبطء التغيير، ولكن واقعهما المميز يقول عكس ذلك.
في القصيم نهضة عمرانية وفكرية لا يعرفها إلا من يزور مدنها متعددة الثقافات، ولعلي أتوقف عند "بريدة" حيث يحمل الناس عنها انطباعاً يوحي بالتشدد وأحادية الفكر، ولكن يخفى على الكثيرين أن أشهر رموز الليبرالية من أبناء "بريدة" دون الدخول في الأسماء، كدليل على الديمقراطية التي يشهد عليها تشكيل المجلس البلدي في القصيم الذي لم يتأثر برسالة جوال رجحت كفة تيار على آخر، بل إن الأعضاء المنتخبين يمثلون أهل الاختصاص والتأهيل دون اعتبارات أخرى. وفي لقاء هيئة دوري المحترفين مع ناديي الرائد والحزم، كان بعض ممثلي الشركات "شركاء الهيئة" متردداً في السفر إلى القصيم، وقد طالب البعض باستضافة ممثلي الناديين في الرياض، ولكن معرفتنا بالمنطقة زادت الإصرار على القيام بالرحلة الهامة، فكان اللقاء في فندق فخم عالي التجهيز لا يقل أبداً عن مستوى فنادق الخبر والرياض وجدة، بل ربما يتفوق عليها، وكان الحضور الإعلامي مميزاً بوجود ممثلين لأغلب الصحف السعودية بجهود الزميل "سلطان المهوس" وإشراف رئيس اللجنة الإعلامية "مساعد العبدلي". ولا أنسى الإشارة إلى أن في بريدة مشروع "صحار" الذي يمثل مدينة داخل المدينة يكفي لإقامة ربع مليون شخص بكامل احتياجاتهم، وأتحدى أن يوجد مثيله في أي مدينة سعودية.
وفي جامعة الإمام نهضة علمية وتطويرية أشبه بثورة كمية ونوعية يندر مثيلها، فعدد الكليات تضاعف ليشمل جميع التخصصات ـ برؤية جديدة - بما فيها الطب والهندسة والعلوم، في حين مازال كثيرون يربطون الجامعة بالعلوم الشرعية وكأنها لم تتغير منذ عقود، بينما الواقع يقول إن الحرم الجامعي هو الأفضل على مستوى السعودية، فيكفي أن عضو هيئة التدريس والطالب يتمكنون من إيقاف سياراتهم تحت كلياتهم والصعود إلى قاعات الدرس دون عناء، ناهيك عن أفضل مدينة رياضية في الجامعات العربية قاطبة، فيكفي أن تعرف أن المسبح الأولمبي الوحيد في السعودية يوجد في جامعة الإمام، ويغيب عن أذهان الناس أن الجامعة التي أنجبت المشايخ والعلماء قد أنجبت الوزراء والمفكرين في شتى العلوم.
ولكن القصيم والجامعة تعانيان من ضعف التغطية الإعلامية، فلا يعرف الناس عن النهضة التي تحدث هنا وهناك، ولم تتغير الصورة الذهنية الخاطئة عنهما، أو ما يعرف بــ " Stereo Type "، ولا أدري هل ألقي باللائمة على رجالات الجامعة والقصيم أم على القائمين على الإعلام، من المهم تحديد مسؤولية القصور ولكن الأهم أن نبدأ رحلة الانفتاح على العالم .. وعلى منصات الانفتاح نلتقي.