معشوقتي
يقول والدي بأنني أبالغ في محبتي فأضع من أحب في درجة الكمال – والكمال لوجه الله سبحانه – فلا أرى فيه عيبا، وقد قال الشاعر: وعين الرضا عن كل عيب كليلة. ولكنني اليوم سأحدثكم عن "معشوقتي" التي أحب وسأذكر بعض صفاتها، فإن وافقتموني الرأي فربما كتبت عنها المزيد من المقالات، فما أجمل الكتابة عمن تحب.
"معشوقتي" تشبهني في عشقها للرياضة عموماً – وكرة القدم على وجه الخصوص – ولذلك فهي لا تمل ولا تكل من الحديث عن نجوم الكرة وأحداثها، بل إنها تحفظ التاريخ وتوثق بالأرقام كل صغيرة وكبيرة فلا تترك مجالاً للمشككين والمتعصبين عندما يكون الحديث عن الألقاب والإنجازات.
"معشوقتي" تحترم النظام الذي يطبق على الجميع لخدمة الجميع كأساس لاحترام الجميع بعيداً عن العنصرية والانتماء والميول، كما تتمتع بحس الدعابة بطريقة راقية حيث تضحك معك لا عليك، وتقبل الدعابة في المقابل دون عجرفة أو غرور.
"معشوقتي" جميلة – بل فاتنة – في جميع الأوقات، حيث تطوع جمالها وأناقتها حسب فصول السنة، فبمجرد النظر إليها تعرف حالتها النفسية المتنوعة بشكل إيجابي مع تنوع الطقس والمناخ.
"معشوقتي" اسمها "لندن"، تعشق كرة القدم حد التشبع فتبدع في إشباعك بالمعلومة التي تكفي لكتابة عشرات المقالات، فقد قضيت في ربوعها ستة أيام وخرجت بأفكار لستين مقالا. فهذا سائق التاكسي يسألني: "هل ستشتري النادي؟" وذلك حين طلبته أن يأخذني إلى نادي "تشلسي" حيث مؤتمر "القادة في كرة القدم"، وتكون بداية حوار راق أكتشف من خلاله أن هذا الرجل البسيط قد خصص 10% من دخله لشراء تذكرة موسمية في ملعب الإمارات لحضور جميع مباريات "آرسنال"، وهو يستثمر تلك التذكرة فيهديها أو يبيعها حين تمنعه الظروف من الحضور، وأسأل نفسي متى يبادر ناد سعودي بإصدار التذاكر الموسمية التي تضمن الدخل للنادي وراحة البال للمشجع.
الإعلام في "معشوقتي" يهتم بالخبر وليس بصانع الخبر، فقد تصدر شخصي المتواضع المجهول للصحافة البريطانية أعمدة سبع صحف من أصل التسع المعروفة، حين صرحت بعدم معرفة الوسط الرياضي السعودي للمستثمر "علي الفرج أو الفراج"، بينما التغطية الإعلامية في وطني الحبيب تعتمد غالباً على مكانة الشخص الرسمية والاجتماعية والمالية، حتى وصل الوضع في بعض الأحيان إلى قيام القادرين والراغبين بشراء الأقلام والمراسلين والمساحات الصحفية، والمتابع الجيد يعرف الحقيقة المرة.
النظام في "معشوقتي" وضع لخدمة الجميع، فمطار "هيثرو" هو أشغل مطار دولي في العالم إلا أن إجراءات الوصول والمغادرة تتم بسرعة إعجازية، والحضور الجماهيري في أعلى معدلاته للدوري الأول على مستوى العالم، إلا أن بإمكانك حجز مقعدك عبر الإنترنت والحصول على التذكرة كذلك لتجد المقعد بانتظارك دون الحاجة إلى واسطة. تلك "معشوقتي" وللحديث عنها مقالات مقبلة .. وعلى منصات العشق نلتقي.