2009-10-28 | 18:00 مقالات

إلا الحكام

مشاركة الخبر      

لا زلنا مع الدروس التي تعلمتها في رحلتي اللندنية، حيث احتفل الإعلام الرياضي هناك باعتذار السير "اليكس فيرجسون" لأول مرة في تاريخه، حين وصف حكم مباراته مع "سندرلاند" بأنه لا يملك اللياقة الكافية لإدارة مباريات دوري باركليز الممتاز ذات الرتم السريع، الذي يحتاج نشاطاً وحيوية من الحكم لا تقل عن سرعة أداء النجوم الذين أنفقت عليهم الأندية مئات الملايين. وقد ركز الإعلام على كون الاعتذار أولوية للمدرب الذي تعود انتقاد التحكيم ولم يعتذر إلا هذه المرة، ولكن الاعتذار لم يقبل!!!
وهنا مربط الفرس، حيث أن استعداء التحكيم ولجنته خطأ يقع فيه كثيرون في الداخل والخارج، والمثل الشعبي يقول: "يد ما تقواها صافحها"، ولذلك حاول السير المكابر أن يصافح يد التحكيم ولكن المحاولة باءت بالفشل، فحلت بالفريق العاقبة. فأخطاء التحكيم جزء من اللعبة، والكثير من القرارات قابلة للتفسير والاجتهاد، والحكم بشر يصيب ويخطئ ويتأثر بما يدور خارج الملعب. ففي مباراة الكلاسيكو على أرض "ليفربول"، كان بإمكان الحكم أن يحتسب ضربة جزاء ضد "كاريجر"، ولكن ضغط الجماهير وتصريحات السير واعتذاره المرفوض ألقت بظلالها على قرار الحكم فلم يحتسب ضربة الجزاء، وفي الشوط الثاني أعاق "كاريجر" – مرة أخرى – "أوين" المنفرد بالمرمى وكان القرار السليم هو الطرد، ولكن تداعيات "خارج الملعب" جعلت البطاقة صفراء بدلاً من حمراء.
أرجو إلا يتوقع أحد أنني أقلل من أحقية "ليفربول" بالفوز الهام، بل على العكس فقد أخبرت الصغير "مشعل" بأنه من الصعب أن يخسر فريق بتاريخ الليفر خمس مباريات متتالية، ولذلك فالتعادل أقرب النتائج، وكان "ليفربول" في أفضل حالاته حتى في غياب قائده "جيرارد"، ولكن الخطأين الفادحين للحكم كان لهما أثر كبير على النتيجة، وربما سيعاني "مانشستر" كثيراً هذا الموسم بسبب استعدائه للتحكيم.
قد يتساءل البعض عن الهدف من كتابة المقال، خصوصاً وقناعتي لا حدود لها بأن: "أخطاء التحكيم جزء من اللعبة"، كما أنني لا أقبل التشكيك في نزاهة الحكام في الداخل والخارج، ولكنني أقول للجميع: تعلموا من درس "مانشستر"، فاتهام الحكام بأنهم غير لائقين لإدارة المباريات يثير قضاة الملاعب، فيجعل الحكم لا يحتسب للفريق سوى الأخطاء التي يستحيل عدم احتسابها، أما ما يصح فيه قاعدة "التقدير الشخصي" فسيحتسب في الغالب ضد مصلحة الفريق الذي يخطئ المسئول فيه باستعدائه للتحكيم.
إنها رسالة لكل من يفهم ما بين السطور، أكررها مرة أخرى فأقول: إن الكثير من قرارات الحكم تقديرية، والحكم بشر يتأثر بالضغوطات داخل وخارج الملعب، ويتخذ قراره في جزء من الثانية حيث يكون لحالته الذهنية والنفسية دور كبير في القرار. ولذلك فنصيحتي للجميع بالحرص على نفسية الحكم وإبعاده عن الضغوطات، ولنجعل شعارنا:"إلا الحكام".. وعلى منصات العدالة نلتقي...