2009-12-26 | 18:00 مقالات

كان صرحاً فهوى

مشاركة الخبر      

مثلما يمثل "محمد علي" أعظم رياضي في التاريخ حيث سيرته العطرة في النضال السياسي والرياضي جعلت من "الملاكمة" لعبة جماهيرية تجذب ملايين المشاهدين وبالتالي مليارات الدولارات للمستثمرين، فإن "مايكل جوردن" يمثل أسطورة "كرة السلة" الذي غير وجه اللعبة ونقلها إلى مستويات من الشعبية والمتابعة جعلت منها أحد أكثر الألعاب شعبية في العالم.
ولكن ما فعله "تايجر وود" فاق كل المقاييس حيث اقتحم هذا الفتى الأسمر وهو في السادسة عشرة من عمره لعبة "الجولف" التي كانت مقتصرة على كبار السن البيض الأثرياء، وقد بادرت شركة "نايكي" بتوقيع عقد خرافي بلغ 250 مليون دولار لاحتكار الشاب الأسمر الوديع مدى الحياة. وقد نجحت الشراكة بين العلامة التجارية الرياضية الذكية والنجم المثالي، فأصبحت لعبة "الجولف" تتصدر نشرات الأخبار الرياضية، وأصبح الكل يتابع مسابقاتها وبطولاتها ليسجل بإعجاب قدرات هذا الشاب الذي اقتحم عالم المستحيل.
استمرت رحلة النجاح، فأصبحت هناك خطوط إنتاج ومحلات خاصة لملابس "الجولف"، وأصبحت صورة "وود" في كل مكان وسيرته على كل لسان، وحققت اللعبة والمستثمرون فيها مليارات الدولارات بسبب النقلة النوعية التي أحدثها انضمام الشاب الأسمر النحيل للعبة لم يحلم الشباب بلعبها قبل ذلك التاريخ، وتوالت قفزات النجاح للنجم الذي اعتلى القمة ولم يتنازل عنها لسنوات طوال.
أصبح "وود" مضرباً للمثل في أن النجومية تنتزع ولا تمنح، وصار نموذجاً للمثالية التي لا تغيرها الأموال والشهرة، ووصل لقمة المجد التي لم يصل لها إلا قلة قليلة من الرياضيين على مر التاريخ.
وفجأة .. وبدون مقدمات هوى الصرح الشامخ وقرر اعتزال اللعبة وهو في سن 33 في حين أن السن الطبيعية للعبة تفوق ضعف هذا العمر، بل إن كثيراً من أبطالها في الستينات من عمرهم الرياضي المديد. فما الذي جعل الصرح يهوي؟ ولماذا هذه النهاية المأساوية لنجم فاق كل التصورات، وكان رمزاً للمثالية؟
باختصار .. "تايجر وود" ضل طريق المثالية وانغمس في ملذات السهر والخمر والنساء، وحين افتضح أمره تلقفته البرامج والصحف الفضائحية، وجعلت منه مادة إعلامية دسمة، حيث اللقاءات مع فتيات الهوى ومنظمي السهرات وغيرهم من عبدة المال الذين لا يردعهم شيء أمام شهوة الحصول على المزيد من الأموال، فلم يعد أمام النجم المثالي إلا أن ينزع قناع المثالية ويعترف بأخطائه، ويقرر اعتزال اللعبة والتركيز على علاج الجروح التي سببها لزوجته وطفليه، ويطالب الإعلام بمنحه الخصوصية.
أكتب هنا رغم أن "الجولف" لا تعني الكثير لشبابنا، ولكني أوجه الخطاب لنجومنا في جميع الألعاب، راجياً أن يأخذوا العبرة والعظة مما حصل للنجم "تايجر وود"، فملذات الحياة تلاحق النجوم والمقاومة تصعب مع بريق الشهرة وتزايد المغريات، ولكن الذكي من اتعظ بمصائب الغير.. وعلى منصات الوعي نلتقي.