الديموقراطية الجميلة
"الديموقراطية" كلمة جميلة تعني حرية التعبير عن الرأي والمشاركة في صناعة القرار، وهي تطبق في جميع أنحاء العالم بدرجات متفاوتة، تبدأ بالصفر في دول الدكتاتورية التي لاتسمح لأحد بأن يتنفس هواء الحرية في الفكر أو العمل، لتصل إلى الدرجة الكاملة من الحرية التي لا تعرف الحدود، وفي رأيي المتواضع أن الديموقراطية الجميلة هي التي تحمل التوازن بين الحرية والاحترام، فلا معنى لحرية لا تحترم حقوق الآخرين ولا جدوى من احترام يصادر الحريات، ولذلك أعجبني ما عايشته في جنوب أفريقيا خلال الأيام الأولى من كأس العالم.
رأيت الديموقراطية في أجمل صورها، ورئيس الدولة يشيد بالرؤساء السابقين ويصطحب من يستطيع منهم لاحتفالية فيفا بانطلاق كأس العالم في الدولة التي تولوا رئاستها، ورئيس الاتحاد الجنوب أفريقي لكرة القدم يؤكد على دور من سبقوه في تحقيق حلم أفريقيا، بينما في دول تدعي الديموقراطية ينسى من يصل للسلطة كل من كان قبله ويسعى لتهميشهم، ولعلي أتوقف عند رئيس الدولة الذي ألقى خطابه أمام الجموع، وبعد أن أنهى الخطاب وصفق الحضور، استأذن بإلقاء خطاب قصير آخر كتبه الرئيس السابق "نيلسون مانديلا"! وأترك لكم حرية التعليق.
في حفل فيفا كانت هناك ثماني جوائز تكريمية لرجال خدموا كرة القدم في جميع القارات، وهي لفتة كريمة من فيفا تتكرر مع كل كونجرس، لترمز لوفاء الرياضيين الذي يمثل أعلى أخلاق الرياضة التي لا تنسى من يقدم لها جهده وعمره، وهنا أتمنى أن نتعلم هذه الخصلة الحميدة لنشجع المبدعين على الانضمام لعالم الرياضة، ففي فيفا الكل يسألني عن الراحل "عبدالله الدبل" وقد بادر الاتحاد الآسيوي لكرة القدم بتكريمه وتسمية أهم الجوائز باسمه، ولكنه لم يحظ بالتكريم الذي يستحقه في الوطن الذي أفنى عمره في خدمته، هل هي طبيعة عربية تحتاج إلى تغيير؟ أم هي سلوك توارثناه؟ فالإسلام يعلمنا ويحثنا على ذكر المحاسن وحفظ العهد والود، وأنتظر أن نغير في وطني الطريقة التي نودع بها من يخدم الوطن من الوزراء والمسئولين والمدربين واللاعبين وغيرهم.
في الرياضة السعودية يندر أن نجد التواصل بين رؤساء الأندية الحاليين والسابقين، بل إن أغلب من يتسلم زمام القيادة يبدأ بإلغاء كل ما فعله السابقون وإقصاء كل من ينتمي إليهم بصلة، وهنا بيت الداء حيث نعود لنقطة الصفر في كل مرة، بينما يجب أن يتواصل العمل والبناء من أجل مستقبل أفضل، كما ينبغي أن نبدأ بتقدير من خدم الرياضة لنشجع المتميزين على الالتحاق بالمجال الرياضي، ولعلي أختم بسؤالك عزيزي القارئ عن اختيارك لشخصيتين رياضيتين تستحقان التكريم، أحدهما غادر الدنيا الفانية والآخر لازال يعيش بيننا، وثقتي في اختياراتكم كبيرة .. وعلى منصات الديموقراطية الجميلة نلتقي.