بيليه
نتوقف اليوم مع أسطورة أخرى سعدت بلقائه في جنوب أفريقيا، الجوهرة السوداء "بيليه" الذي مازال يسطر إبداعاته في عالم كرة القدم وإن كانت كأس العالم 1970 في المكسيك هي آخر صولاته الحقيقية، حيث غادر بعدها ليؤسس لمرحلة جديدة في كرة القدم في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد التقيته على هامش الجمعية العمومية غير الاعتيادية للاتحاد الدولي (فيفا)، فسألته: هل أنت مصر على توقعك بأن يحقق أحد المنتخبات الأفريقية كأس العالم 2010م؟ فابتسم قائلاً: تواجد المونديال في أفريقيا يعتبر بطولة بحد ذاتها، وأتوقع من المنتخبات الأفريقية أن تحقق نتائج إيجابية أقلها الوصول إلى نصف النهائي.
فطلبت منه أخذ صورة تذكارية قبل أن أقول وجهة نظري، فابتسم وقال: إن اختلافي معك في الرأي لن يجعلني أرفض التصوير، ولذلك سأسمع رأيك أولاً، فأوضحت أن ملاحظتي من باب المزاح، أما رأيي فإن أفريقيا لن تحقق بطولة كأس العالم أبداً ما لم تتغير عقلية النجم الأفريقي حيث إن غالبية نجوم القارة السوداء ينقسمون إلى قسمين، الأول يلعب في أندية أوروبية كبيرة وهمه الأكبر المحافظة على سلامته حتى يستمر في ناديه أطول مدة ممكنة، والثاني يطمح في اللعب للأندية الأوروبية الكبيرة فيلعب لنفسه ولا يخدم المنتخب، ولذلك فحظوظ أفريقيا معدومة في المحفل الكبير.
حينها قال "بيليه": وجهة نظر تستحق الاحترام ولكن النجوم الأفارقة متواجدون في الملاعب الأوربية منذ سنوات طويلة ويفترض أنهم تعودوا على أجوائها وسينعكس ذلك بشكل إيجابي على احترافيتهم وأدائهم. وقبل التصوير سألته كيف بقي في دائرة الضوء كل هذه السنين دون أن يخسر مثاليته ووهجه؟ فكانت الإجابة رائعة ومختصرة: "إنني لا أظهر إلا بعد التأكد من نتائج الظهور الإيجابية".
"بيليه" شخصية رياضية نادرة، حافظ على سلوكيات الرياضي المثالي داخل المستطيل الأخضر وخارجه، ولم يتوقف عن رسالته كرياضي بعد الاعتزال، وهذا ما يفتقده الغالبية العظمى من الرياضيين في الوطن الغالي، ومن هذه الزاوية أطالب نجوم الرياضة السعودية بالتخطيط لما بعد الاعتزال، فهم رموز يتطلع لها الصغار والكبار ويبقون في دائرة الضوء لفترة تطول وتقصر حسب جهدهم ورغبتهم، وعليه فإن "بيليه" يعتبر مثلاً أعلى في اختيار الطريق الصحيح بعد الاعتزال لم لا يرغب بالعمل في المجال الرياضي بشكل مباشر كالتدريب والتحليل وغيرها.
النجومية مسؤولية لا تنتهي بانتهاء عمر النجم في الملاعب، ولكنها تبدأ رحلتها الجديدة بمسؤوليات مختلفة، أولها العمل الخيري والتطوع لنشر الوعي والمساهمة في البرامج التي تخدم الأجيال المقبلة، فقد رأيت "بيليه" في إعلانات كثيرة تناقش قضاياً هامة تحذر الشباب من المخدرات والأمراض والجريمة، ونحن بحاجة ماسة لنجوم سعوديين يعطون للوطن بعض ما أعطاهم .. فهل يفعلون؟ .. وعلى منصات العطاء المستمر نلتقي.