دروس الدوحة
لم أمكث في مدينة خليجية شهراً كاملاً متواصلاً مثلما قضيت الشهر الماضي في ربوع الدوحة "عاصمة الرياضة العالمية"، حيث كنت شاهد عيان على كل تفاصيل الاستضافة المميزة لكأس أمم آسيا، ومن يعرفني يعلم أنني أفتح عيني وأذني وعقلي لاستيعاب الدروس والاستفادة منها أياً كان مصدرها.
شباب قطر كانوا هم العنصر الأساسي في عملية التنظيم والتنسيق مع الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، ولا أبالغ إذا قلت باستحقاقهم للعلامة الكاملة على تنظيم تفوق على تنظيم كأس العالم 2010 الذي تشرفت بأن أكون أحد أعضاء اللجنة المنظمة فيه. والفضل – بعد الله – في ذلك يعود لإيمان "قطر" بقدرات شبابها، حيث كان من أبرز العاملين في التنظيم أعضاء فريق العمل الذي فاز لكل العرب بشرف استضافة كأس العالم 2022، بل إنني أسميت ذلك الفريق" SWAT team "بمعنى فريق المهام الخاصة الذي ينجز ويبدع ويبهر مهما كانت الصعاب والتحديات.
علمتني "قطر" أن بالإمكان دائماً أفضل مما كان، وأن التعلم من تجارب الآخرين وخبراتهم متاح للجميع، فقد كان الشباب القطري موجوداً في جنوب أفريقيا يحضر المباريات ويتابع الفعاليات ويدرس أساسيات التنظيم ويناقش الإيجابيات والسلبيات، وكأنه في دورة تدريبية مكثفة نتج عنها تنظيم فاق توقعات الجميع، ولا أتجاوز الحقيقة حين أقول إنني تذكرت تجربة حضور مباريات كأس العالم في الدوحة، حيث نفس السيناريو المنظم والمحسوب بدقة لكل خطوة تبدأ من وقت الخروج من الفندق وحتى العودة إليه.
علمتني "قطر" أن قدرات شباب الخليج تفوق بكثير ظن الغالبية بها، فقد ألغى الشباب القطري من أذهان الضيوف فكرة "الشباب الإتكالي المرفه" وكان أعضاء اللجنة المحلية المنظمة يعملون لساعات متواصلة ويتواجدون في كل الملاعب ويشرفون على أدق التفاصيل بعزم وهمة واحترافية ترفع رأس كل خليجي، ويقيني أن شباب السعودية قادر على تقديم نموذج مشرف آخر متى أتيحت لهم الفرصة وتم تسليمهم ملفات العمل ومنحوا الثقة التي أجزم أنهم يستحقونها مثلما استحقها أشقاؤهم في قطر.
علمتني "قطر" أن التعاون أساس النجاح، فقد كان الجميع يداً واحدة يسدون ثغرات بعضهم البعض ويتعاونون على النجاح دون البحث عن الأضواء أو التنافس على المكاسب الشخصية، فقد كان الرئيس والمرؤوس يعملون بتناغم كان هو سر التفوق.. وعلى منصات التعلم نلتقي.