علمتني دبي
أكتب لكم من مدينة الأحلام “دبي” متذكراً إجازة الربيع الماضية، حيث تسببت الأوضاع غير المستقرة في عدد من المدن العربية بتجمع “مليون وسبعمائة ألف” سعودي في المعجزة الإماراتية ولمدة عشرة أيام تعلمت فيها الكثير، وسأحاول أن أختصر بسبب مساحة المقال.
“علمتني دبي” أن عجزنا عن توفير السياحة الداخلية تسبب في هجرة المال السعودي، فقد كان الغالبية العظمى من السعوديين يبحثون عن السياحة النقية بعيداً عن المحرمات، فوجدوا في دبي أجواء عائلية تناسب الجميع، وخدمات راقية بدون استغلال، ونظام يكفل الحقوق ويردع العابثين، وعلى إفتراض الحد الأدنى لمصروفات الفرد بألف ريال في اليوم الواحد شاملة السكن والأكل والمواصلات والتسوق غيرها، فإن السعوديين قد أنفقوا سبعة عشر مليار ريال في تلك الفترة الوجيزة.
“علمتني دبي” أن أمانة المسؤول هي سر النجاح، وإليكم هذه القصة: حيث كان مشروع إعمار الجبار في قلب دبي يحتاج إلى منحوتات فنية لتجميل الساحات، فطرحت مناقصة وكان أقل العروض المقدمة بسبعة عشر مليون دولار، ففكر المسؤول الأمين وقرر إجراء مسابقة عالمية جائزتها الأولى ثلاثمائة ألف دولار والثانية مائتي ألف دولار والثالثة مائة ألف دولار، بحيث يتقدم أفضل أربعين نحات على مستوى العالم بعملين تصبح ملكاً للجهة المنظمة، فتم الحصول على ثمانين عملاً إبداعياً مقابل ستمائة ألف دولار.
“علمتني دبي” أن البنية التحتية أهم من المباني الخارجية، فقد كانت الأمطار تنهمر بغزارة دون أن تترك أثراً في الأرض، فتذكرت كوالالمبور وجاكرتا حيث يتواصل المطر لأيام دون أن تغرق تلك المدن رغم فوارق الإمكانيات عن مدننا التي تخجلنا بالفضائح مع كل زخة مطر.
“علمتني دبي” أن التخطيط للمستقبل يعني تقدير الاحتياجات فرغم أن سكانها لا يبلغ ربع سكان الرياض، إلا أن دبي تنعم بقطار معلق وطرق رئيسية بسبعة مسارات في كل اتجاه، بينما مازلنا نسمع بالطريق الدائري الجديد ونحن نقضي الساعات في زحام الدائري الذي تجاوز عمره عشرات السنين.
“علمتني دبي” أن طيران الإمارات ومطارها يمثلان حجر الزاوية في قدرة المدينة على استقطاب ملايين الزائرين، في حين تقف الخطوط السعودية ومطاراتها حجر عثرة في طريق التقدم السياحي الذي نحلم به، ولذلك فالمستقبل العظيم لدبي والواقع الأليم لنا.. وعلى منصات الأحلام نلتقي.