الحكمة أنقذت آسيا
أكتب مغادراً مطار كوالالمبور الرائع المصنف ضمن أفضل مطارات العالم، والمنشأ بتكلفة ثمانية ونصف مليار ريال فقط لا غير، وبالكاد لحقت بالطائرة لتأخري في أطول وأهم اجتماع للجنة التنفيذية بالاتحاد الآسيوي في تاريخه الحديث، حيث أصدرت قبل أيام (23ـ7ـ2011) لجنة الأخلاق (فيفا) قراراً بإيقاف رئيس الاتحاد الآسيوي عن العمل في الرياضة مدى الحياة، فاستئناف ضد القرار لتستمر القضية إلى حين. فانتقلت مقاليد الرئاسة بشكل مؤقت لأقدم نائب رئيس (الصيني جي لونج)، وبدأ صراع القوى يحاول تسيير دفة الاتحاد في اتجاهات مختلفة ففقدت السفينة توازنها وأوشكت على الغرق.
لن أغرقكم في التفاصيل، ولكنها كانت أياماً عصيبة شهدت العديد من الاجتماعات الثنائية والثلاثية والجماعية، وبين التفاؤل بانفراج الأزمة والخوف من تفاقمها كانت الحاجة ماسة لصوت العقل والمنطق الذي لا يملكه إلا الحكماء، وكنت على اتصال دائم بالأمير نواف رغم فارق التوقيت الذي تراوح بين 15 ساعة و7 ساعات، وكان بدوره على اتصال بمختلف القيادات العربية والدولية، للخروج من الأزمة إلى بر الأمان، وكنت أتوقع انقساماً يؤثر سلباً على مسيرة الكرة الآسيوية ولكن العواقب جاءت سليمة.
كان إجراء انتخابات سريعة يعني ذبح الأسد الجريح بينما الدفاع عنه يعتبر اعتراضاً على قرار (فيفا)، ولكن الرأي الحكيم يعني إمساك العصا من المنتصف، وهو أمر يسهل التفكير فيه ويصعب تطبيقه في ظل التيارات المتلاطمة، ولذلك امتنعت عن الرد على جميع الإعلاميين لأنني أعرف أن الوضع لا يحتمل نقطة زيت تسكب على النار المتأججة، فأعتذر من الزملاء متيقناً أنهم خير من يعذر في هذه الظروف.
وقبل ساعات من بدء الاجتماع تلقيت الاتصال الأهم من أمير الشباب والرياضة يؤكد أن الجهود المشتركة نجحت في تغليب صوت العقل والمنطق، وأن موضوع الانتخابات لن يطرح قبل عام من الآن لإعطاء جميع الأطراف فرصة التفكير والدراسة وتقرير المصير، مع التأكيد على توحيد الصف العربي المكون من اثني عشر اتحاداً يمثلون غرب القارة، مجتمعين على قلب رجل واحد يسعون لهدف واحد، حينها أيقنت أن كرة القدم السعودية تواصل قيادة الركب الآسيوي ولا تسير خلف أحد، وتأكدت أن الحكمة أنقذت آسيا من كارثة كانت ستعصف باتحادها، فشكراً للحكماء .. وعلى منصات الحكمة نلتقي.