النجاح لعقود
هناك شروط لبقاء الإذاعي زمناً طويلاً بنفس عطائه ودرجة قبول الناس له، ومثل هؤلاء الباقون قلة في العالم وبرامجهم الذين قضوا عقوداً يقدمونها ويطلون من خلالها لن تتكرر، فهم مثل تجارب لعلماء ومخترعين أو لرجال أعمال عصاميين بدؤوا من لا شيء وماتوا وقد حققوا مجداً يصعب على غيرهم من بعدهم. فكرة برنامج ناجح ربما هي تشبه فكرة مشروع تحقق من ورائه ثروة، إلا أن البرنامج والمشروع وإن بدا للآخرين بسيطاً وميسراً فإنه أكثر تعقيداً مما يعتقدون. إن النجاح الذي يحققه برنامج يستمر لمدة عقود إنما هو إشارة إلى تداخل هذا العمل مع حياة الناس والتصاقه بهم لدرجة الانسجام الروحي والتوافق الذهني والتكيف المزاجي، فهو إما يعبر عن صوتهم تجاه مطالب حياتية أو يتماهى مع الذهنية في التعاطي مع الظروف وما يعترض المرء في حياته من مصاعب اقتصادية أو اجتماعية أو عاطفية، أو أنه صورة أخرى له يجد فيها نفسه أو ما يتمنى أن يكون عليه أو يمثل له نافذة يطل من خلالها على مباهج الحياة وصورها التي تبني في داخله الأمل والتفاؤل في مواجهة المصاعب المختلفة أو حتى فسحة من الوقت للترفيه والتسلية وتزجية الوقت. كل ذلك يمكن أن يفعله برنامج عبر إطلالة مقدمه وما يجمعه لجمهوره من أقوال وإيماءات ومعارف وحلول وجسور تواصل مع من يحتاجونه أو يحبونه لابد أن لمقدم برنامج عاش أكثر من عقد أنه يملك في مضمونه سراً، لكنه ليس غامضاً بل مذاعاً ومشاعاً، إنها جودة العمل واحترام المتلقي وتنوع المضمون والقدرة على التجدد، هل هناك برامج إذاعية أو تلفزيونية في عالمنا العربي تملك مثل هذه الخاصية حتى يحتل صاحبها المرتبة التاسعة في أول 20 شخصية الأكثر نفوذاً على صعيد وسائل الإعلام كما عليه الأمريكية أوبرا جايل وينفري مقدمة البرامج الحوارية وممثلة المسرح والشخصية العالمية التي تحظى بالاهتمام أو غيرها من الشخصيات الإعلامية الذين أثروا في العالم وقبل ذلك في مجتمعاتهم نتيجة قدرتهم على تحقيق المعادلة الصعبة، أن تكون إعلامياً حقيقياً نافعاً لمجتمعك يحترمك الغير من أجل ذلك فقط.