كما أرى ـ ريكارد الرحيل مسألة وقت
في منطقة الخليج نوع من المدربين يمكنه العيش، كل الذين لا يحملون جينات هذا النوع تنتهي علاقتهم بأندية أو منتخبات المنطقة سريعاً إما بالإقالة أو الاستقالة. نحن في هذه المنطقة لسنا جنساً مختلفاً عن العالم لكن لنا طباع وعادات مغايرة لما عليه الكثير من المجتمعات، فنحن شعوب متدينة ومحافظة تملك الكثير من الثروات والقليل من الرغبة في العمل وعدم التخطيط للمستقبل وتجديد الأهداف. واحدة من مشاكلنا الكثيرة أننا نريد أن تتحقق لنا أشياء لم نسع في الأصل على القيام بما يلزم لنحققها ونرفض أمورا طالبنا بتحقيق أشياء لا يمكن لها أن تتحقق إلا بالسماح لوجود ما رفضناه الجميع يتحدث عن آخرين لا يعملون وإن عملوا فهم فاسدون والجميع يشتكي من المطبلين المنافقين والكل يرى أنه كالقابض على الجمر في سبيل نضاله وحربه ضد الكراهية والتعصب والأحادية مما يجعلني أشعر أن هذا مجتمع ملائكي مشكلته الحقيقية أنه لا يوجد فيه شياطين وعليهم أن يصبروا ويحتسبوا الأجر. تاريخنا مع الأجانب بدأ مبكراً ولن ينتهي مطلقاً، كل ذلك تحت شعار الاستعانة بالخبرات المطلوبة إلا أن اللافت أن هذه الخبرات هي عينة واحدة يفترض فيها أن تكون طيعة هينة لينة تؤدي العمل على طريقة أهل الدار أو على قاعدة لا ضرر ولا ضرار لذا تجدها تتنقل بيسر وسهولة من ناد إلى آخر ومن دولة إلى غيرها حتى تشعر بأنه إما مسحور أو فقد جوازه يعيد ولا يزيد يكرر مشاهد عمله وحضوره الإعلامي ونوعية أحاديثه يعطي كلا بحسب عقله وما يعتمل في نفسه ويجوس في صدره ويدور في خلده إرضاء أو استرضاء. لقد عايشت منطقة الخليج أسماء لمدربين من جنسيات عدة لكن لم يبق في أنديتها ومنتخباتها إلا من يحملون هذا الجين المتطابق مع أهلنا وأحبتنا من مسؤولين وحتى لاعبين وجماهير وإعلام ولا لوم لأحد ولأنهم هكذا يحتاجون إلى مدربين كهؤلاء. من خلال ذلك كله فإنني أتنبأ برحيل فرانك ريكارد في القريب العاجل، فهو لا يحمل جينات ماتشالا وميتسو وقائمة طويلة من مثل هذه الأسماء التي لا تنتزع عنها صفة الكفاءة المهنية وإن بدرجات متفاوتة ولكن لتأكيد أن في مكونها الشخصي ما يجعلها تعيش وتتعايش بتكتيكات تضمن استمرارها بل وتنقلها ما بين أندية ومنتخبات المنطقة دون أن يكون في ذلك ما يصيب أو يقلل من أهميتها.. فرانك ريكارد سيرحل ليس لأنه لا يهادن المسؤولين في إدارة المنتخبات أو الاتحاد لكن لأنه يريد أن يعمل كبقية المدربين في العالم الذي ليس بالطبع المنطقة منهم ولا يرى أنه يستطيع فعل ذلك مع جماهير وإعلام لا عمل لهم إلا حشر أنوفهم في كل شيء وكل حسب هوايتهم السفر وجمع الطوابع وتغيير المدربين؟! رئيس التحرير