هل تختلف أنديتنا عما في أوروبا
من بين أجمل عشرة ملاعب أنشئت في أوروبا ملعب الكامب نو الذي يملكه نادي برشلونة الإسباني ومن خلال صورة التقطت من نقطة عالية يبدو بين وحدات سكنية كذلك حال ملينيوم الويلزي وإذا قمت بزيارة إلى نادي الأرسنال في لندن ستجد أن ملعبه (الإمارات) الذي يتسع لـ60 ألف متفرج وهو تحفة معمارية يقع أيضا وسط حي سكني وهي الصورة التي تبدو عليها كل ملاعب وأندية العالم إلا ما ندر وهي فترة زمنية لا تطول إذ ما تلبث أن ينتهي بها الحال على ما هو عليه سائر ملاعب الأندية الأخرى. في العالم العربي تساهم أمور عدة في الحصول على استادات وملاعب صالحة وقليل جداً تصل لمرتبة تحف معمارية من بينها ظروف اقتصادية وأخرى اجتماعية وبيئية وعلى أن ملعب القاهرة الذي يتسع 74100 تم افتتاحه في سنة 1960م إلا أن ناديا عريقا مثل الأهلي لا يزال يتمرن على ملعب مختار التتش الذي لا يكفي لأكثر من 8000 متفرج ولا زال على حاله من 1959م حين شيد داخل مقر النادي بالجزيرة . زيارة بعض الأندية الأوروبية تتيح لك فرصة فهم الاختلاف وأرى أن أصفه بالجذري بين هذه الأندية وغيرها من الأندية العربية ويزداد ذلك كل ما نحيت صوب منطقة الخليج العربي وتضيق حلقاته هنا في أنديتنا حيث يتضح أن الأمر أبعد من أن يكون مرتبطا بمقاولات إسمنتية يصرف عليها مال أو خطط استثمارية تتبناها جهة معينة حيث أن ذلك كله على وجاهته إلا أنه لا فائدة منه حين لا يكون المجتمع مهيأ لتقبل ذلك أو أن هناك ما يمنع أن يتقبله المرء لتضاده مع شرع أو عادة أو ثقافة مجتمع. منذ أن انتقلت أنديتنا إلى مقارها النموذجية آنذاك حوالي الـ30 عاماً وكل من عمل في إدارتها كان يمني النفس باستثمارها اجتماعياً ويبشر بإمكانية فعل ذلك حتى مرت السنين وبات المدين مداناً حيث بدأ يطلق على هذه النموذجية بأنها مقار غير صالحة أكثر من أن تؤدي فيها بعض فرق النادي تدريباتها وبالكاد توصل بعضها إلى بناء معسكرات أغنتهم عن تسول الفنادق لكن هل فعلا أن هذه المقار طاردة لأي فكرة استثمارية أو عاجزة عن احتضان أي نشاط اجتماعي أنا لا أظن أن ذلك صحيحاً على إطلاقه لكن حتى يمكن ذلك فإن المسألة ليست مرتبطة بإيجاد الفكرة الاستثمارية والنشاط الاجتماعي بل بالمستهلك الذي يستفيد والفرد الذي يقوم بالنشاط وهي أمور تعيدنا إلى طبيعة المجتمع المتحفظ الذي يحجم عن الدخول في تفعيل وإحياء الكثير من الفعاليات مما ينعكس سلباً على المنشآت والجهات. لماذا تجد في طابور زيارات الأندية الأوروبية عائلات سعودية وأفراد سعوديون يمتلؤون بهجة وحبوراً وهم يتجولون بين المتحف وغرف تبديل الملابس ومدرجات الملعب ويصرفون آلاف الجنيهات والدولارات في متاجر هذه الأندية ولا يفكر أحد منهم فرداً دعك من العائلة أن يحرص على زيارة أندية كبيرة في مدينته وعلى أقل تقدير تلك التي يعشقها.. هذه تحتاج إلى كثير من التأمل.