الموجة الجديدة للكرة السعودية
لا أعتقد أن الكرة السعودية كانت تملك نجوماً في متوسط عمر 23 سنة وبالعدد الكبير الذي نحن عليه الآن، وهي من المؤشرات الحقيقية على تحسن قريب ليس لمستوى الأداء ولكن لنوعيته. في الثمانينيات الميلادية سيطر معدل الـ27 سنة، لكن المؤكد أنه كان يتراجع بشكلٍ تدريجيٍّ دون أن يظهر بما يتوافق مع ما يجب أن يكون عليه كما هو عليه الآن؛ وحينها أيضاً كانت الملاعب في العالم يسيطر عليها ذات المعدل، ومن ذلك كانت نوعية الأداء لديهم ولدينا في توافق، ولابد أن نتذكّر أن النتائج كان يتم تبادلها بما يثبت ذلك، لكن استقرار المستوى لا يتحقق إلا بزخمٍ أكبر من القدرات والتطوير والأرضية السليمة وتلك كانت تباعد بيننا وبينهم.. وأرى أننا مقبلون على مرحلة مشابهة لفترة الثمانينيات من حيث كفاءة تقنية وملكة الأداء واستيعاب الخطط الجديدة والقدرة على تنفيذ الطرق التي تحتاج إلى قوة التحمل واللياقة البدنية العالية والذهنية الجماعية المعززة بإمكانات مهارية فردية، يمكن توظيفها لصالح المجموعة، والاستجابة لمطالب الأجهزة الفنية في التحضير والتنفيذ؛ إنها موجة جديدة للكرة السعودية، سوف تحقق خلال هذين العقدين مظاهر كروية ستلفت لها الانتباه. سيتبدّل جلد الكرة السعودية من خلال زخمٍ يتدفق من مواهب مؤسسة بتقنية التعامل مع الكرة في أساسياتها والحركة داخل الملعب المتماشي مع حاجة الخطط، ونضج مبكر في فهم طريقة اللعب التي يمكن لها أن تتغيّر داخل الملعب أثناء المباراة مع تطور ملموس في تعزز القيم الفنية للأداء الجماعي.. وروح العمل للفريق الواحد مؤشراته تظهر في الرسم الجميل للوحات كروية من خلال عمل جماعي في تبادل الكرة والمراكز الأمر الذي يدعمه توافق ذهني؛ وتوحد ثقافة أداء ساهم في تقارب السن والتناغم المهاري في رفع معدلها إلى الدرجات التي يمكن معها الشعور بالتفاؤل أو على الأقل عدم الخوف من المستقبل. كل ما يتم عمله خلال السنوات القليلة جداً الماضية ولا يزال، لم تعرفه الكرة السعودية، فلم تكن هناك أكاديميات ولا براعم ولا فئات سنية تحت سقف الـ16 سنة تقام لها مسابقات أو يشارك فيها بمنتخبات، وكان بروز لاعب أو اثنين في العشرين أو تحت ذلك بسنوات ثلاث حدثاً استثنائياً، وكان اللاعب الذي يملك (كنترولاً) يتحكم فيه بالكرة محدوداً، ومثله لاعب التكتيك؛ ولا وجود لوفرة الصاعدين والواعدين في الفريق الواحد.. كانت هناك كرة قدم بمقاييس أخرى لها طعمها وإنجازاتها وإمكاناتها، ولكن بمقاييس عصرها ومرحلتها وما أعقبها لم يكن مثلها لكنه عجز عن اللحاق بمرحلته، وهي المرحلة التي شهدت تباين عطاءات الكرة السعودية، إنجازاتها وإخفاقاتها، وكلتا المرحلتين تختلفان عن ما أراه، الموجة الجديدة للكرة السعودية التي ستعيد زخم المواهب (ذات النكهة) والنجوم الذين يملكون (الكاريزما)؛ هاتان الخصلتان ستكونان المفتاح الجديد للنجاح الذي يمكن له أن يتحقق.