ما الحل مع صاحبي؟
صاحبي يقول إنه مبتهج هذا اليوم لأنه سيجد نفسه أمام أربع مباريات في الدوري الإنجليزي الممتاز في توقيت واحد، ومن ذلك سيتنقل بينها مشبهاً حاله بالذي يسير بين أشجار الفواكه له ما اشتهى متى أراد. تصدقون أن صاحبي هذا نفسه كان غاضباً على أسبوعاً مضى من الدوري السعودي للمحترفين، لأن منظميه يضعون أكثر من مباراة في وقت واحد، وهو يرى أن ذلك تدمير لمنتج الدوري وحرمان للجماهير من متابعة منافساته. المباريات الإنجليزية الأربع التي ستلعب في توقيت واحد (18.00) وتجمع بين مانشستر يونايتد وكوينز بارك رينجرز وأستوك سيتي مع فولهام وويجان أتليتك مع ريدينج وإيفرتون أمام نوريتش سيتي، ستلعب قبلها في (15.45) مباراة تجمع سندرلاند مع وست بروميتش، وتعقب المباريات الأربع أيضا مباراة في (20.30) وهي أستون فيلا وأرسنال، وجميع المباريات الست في يوم واحد، إذ لا يمكن أن تكون هناك إمكانية للعب جولة في دوري من عشرين فريقاً دون مثل ذلك، حيث سيكتمل غداً بلعب أربع مباريات اثنتان منها في وقت واحد (19.00) وهي مباراة هامة تجمع بين تشيلسي ومانشستر سيتي، بينما تجمع الأخرى توتنهام هوتسبير مع وست هام يونايتد. استعرض ذلك بهذا التفصيل وإن كان في علم كل متابعي الدوري الإنجليزي ولكن أيضا حتى لا نصدق الحديث حول لجنة المسابقات وما يصفه البعض بأنها أخطاء فيما أن ما تفعله متبعاً في كل جداول الدوري في بلدان العالم، وكل دوري بحسب ظروفه من حيث عدد الفرق وتوفر الملاعب والحكام والأيام التي لا يمكن أن تقام فيها أي أنشطة رياضية مع مراعاة لأكثر من مسابقة في موسم واحد سواء كانت محلية أو خارجية للمنتخبات أو الأندية، ذلك كله يتحكم في وضع الجدول، وبالرغم من أن ذلك أيضاً معلوم على الأقل للعاملين في الشأن رياضي، إلا أنه يروق لبعضهم بين فترة وأخرى انتقاد الجدول ربما من باب التنكيد على القائمين عليه، لأن الجميع عرف بعد تجارب سنين وأسماء تناوبت على هذا العمل دون أن يتغير شيء أن ليس بالإمكان أكثر من مما هو كائن مهما حاول المتنطعون والمتفلسفون إيهام الرأي العام أن هناك جدولاً في جيوبهم يمكنهم إخراجه والعمل به مباشرة وهو خال من كل تلك الملاحظات اللعب في توقيت واحد أو دون تأجيل أو تقديم أو تداخل. صاحبي هذا نفسه هو من كان يقف ضد أي فكرة تأجيل وينتقدها إذا ما تمت ويرى أن سببها الفوضى وعدم الانضباطية كذلك التسيب والمجاملات، وإذا بصاحبنا ذاته ذات مرة يقف ينادي بتأجيل بعض المباريات ويبرر لها، ويعود نفس صاحبنا أيضا وبعد أن انفض سامر التأجيل (يولول) ويصيح في وجه جدول الدور الثاني الذي ملء بمواعيد استثنائية للعب ما تم تأجيله بمباركته ومن مثله، ليقول (ارحمونا من هذه الفوضى)، وذلك ذكرني أيضا بالذين كانوا يريدون أن يتابع مدرب المنتخب فرانك ريكارد مباريات دوري زين وركاء جميعها دون استثناء، وحين يشاهدونه يتابع واحدة من هذه المباريات يزمون شفاههم أو يمطونها وهم يقولون: ولماذا هذه المباراة وليس جميعها؟ أي أنهم يطالبون أن يتجزأ ويتوزع في نفس اللحظة على جميع المباريات يتابعها دفعة واحدة، وعندما يقال لهم إنكم أتيتم بأمر عجب، يقولون: إذاً لماذا لا يتابع المباريات الأخرى عن طريق عرضها مسجلة؟ أي أنهم يفترضون أنه لا يفعل ذلك، نفس هؤلاء حين تقول لهم: لماذا السؤال عن ريكارد إذا ما كان في منزله أو البحرين أو امستردام؟ يقولون: نريده أن يتابع مباريات الدوري، فإذا قلت لهم إنه بإمكانه مشاهدتها مسجلة في أي وقت وأي مكان، قالوا: إن ذلك لا يكفي. صاحبي هذا ومن على شاكلته موجودون في كل مفاصل حياتنا وفي كل قضايانا وشؤوننا حتى الخاصة منها، والاقتراح الذي ربما يجدر بنا أن نطرحه هو أن يتم تجاهل هؤلاء وعدم الالتفات لما يقولونه أو يثيرونه، ليس تقليلاً من أهمية الرأي الآخر ولكن لأنه ليس بالضرورة اتباعه، خاصة إذا ما كان جدلياً أو عبثياً. إن تحسين الأداء والتغلب على المصاعب لتقديم الأفضل ومحاولة تجنب الأخطاء ما أمكن ذلك هو أكثر ما سيحيدهم تدريجياً ويضعف ثقة الجماهير فيما يقولونه.. وهذا الأهم.