التدريب في الميدان وليس في الفضائيات
بين ترحيب (الأسباني) جوارديولا بتدريب منتخب البرازيل، بل وتعهده بإحراز كأس العالم 2014 بحسب المقرب من المدرب جوارديولا الذي نقل ذلك إلى مؤسس صحيفة (لانس) البرازيلية التي نشرت الخبر السبت، وإلغاء نادي كوينز بارك رينجرز عقد مارك هيوز، وهو اللاعب الويلزي الذي اعتزل الكرة 1999 وبدأ حياته التدريبية مدرباً لمنتخب ويلز، وتدشين مجسم السير فيرجسون المدرب الاسكتلندي الذي أنهى ربع قرن من العمل كمدير فني لفريق مانشستر يونايتد ولازال يعمل وهو من مواليد غلاسكو سنة 1941، يمكن أن نقرأ في طالع التدريب والمدربين الذين يمكن لهم أن ينالوا أكثر مما يستحقوا في الحالين. مدربون كثر تمت التضحية بهم والقضاء على مستقبلهم، لأنه تم التعامل معهم بطريقة شراء البطيخ حمراء أو بيضاء، ولا أظن أنه يحسن بعاقل أن يتعامل مع وظيفة التدريب على أنها وجه واحد فيما هي مكون كبير يتم بناؤه بالولع بالمهنة والخبرة المكتسبة والتعلم والاستزادة من المعرفة والرغبة في تبوؤ المكانة المحترمة في هذا المجال، وتوظيف الخبرات المتراكمة للجوانب التطبيقية، والبحث في علوم وأسرار هذه الرياضة، والتعرف على تجارب الغير، والتعلم من تجارب الشخص نفسه.. وهكذا مما لا يسمح بالمطلق أن يكون مصير هذا المكون مرهوناً بقرار (خبط لبط)، والأهم أن لا يسمح المدرب نفسه أن يتم إعدامه على هذا النحو، أو يتسبب في تمكين الآخرين من التحكم في مصيره، وأقرب مثال (مدربو الفزعة)، لكن في المقابل فإن هناك مدربين لا يتمتعون بشيء من هذا جلب لهم حظهم السعيد فرص نجاح تفوق إمكاناتهم ولاتعبر عن ما قدموه مقابل ذلك وهؤلاء استثناء. بالعودة إلى جوارديولا الذي قال إنه يقبل من يوم غد تدريب البرازيل، فلا شك أن جوارديولا يسعى لإضافة نجمة ونجمة كبيرة جداً على صدره، وهو المدرب الذي يبلغ الـ41 عاماً ذائع الصيت، والذي لا يذكر اسمه إلا ويتذكر العالم الفريق الكاتالوني الرهيب الذي صنعه وجعل منه أيقونة الكرة الأوروبية، لكن بالرغم من ذلك فإنه قد لا ينجح مع البرازيل، وربما يقضي هو بذلك على سمعته ويكتب نهاية رجل ناجح، فاللاعب البرازيلي هناك يختلف عنه حينما يلعب لأندية أوروبية، ورغم أن المونديال في البرازيل فإن ذلك ليس بالضرورة عامل دعم، إذ ربما يكون عامل ضغط يتسبب في إعاقة المنتخب الذي حقق كأس العالم خمس مرات، ولعب جميع نهائيات كأس العالم، والوحيد الذي فاز بالكأس في أربع قارات مختلفة، في السويد (1958) وتشيلي (1962) والمكسيك (1970) والولايات المتحدة الأمريكية (1994) وفي (كوريا واليابان 2002)، ولا شك أن مانسو مينيزس الذي تمت إقالته بعد أن كان قد خلف دونغا بعد كأس العالم 2010 ليس إلا ضحية من عدة ضحايا لمزاجية وجنون اللاعب البرازيلي الذي يلعب بنظرية الفن للفن، وهو ما قد لا يجعل لجدية خطط جوارديولا أن تنفذ لرؤوسهم. أما الظاهرة فيرغسون فإنه وفي غمرة سعادته بكشف الستار عن تمثاله في ملعب أولد ترافورد بمناسبة مرور 26 سنة على تدريبه مانشستريونايتد، فإنه وصف رحلته بأنها لا تصدق وهي فعلاً بمقاييس كثيرة، لكن ذلك كله مر بمصاعب تفهمها مسؤولو النادي، فقد ظل من 86 لايحرز شيئاً سوى التمهيد والتحضير للفوز ببطولة الدوري (93) في أول نسخة جديدة له، وكان من بين من استقطبهم من اللاعبين لتغيير حال الفريق مارك هيوز الذي لعب منذ 1980 في المان، وتنقل حتى 1999 في كل من برشلونة وبايرن ميونيخ وتشيلسي وساوثامبتون وايفرتون وبلاكبيرن روفرز ومنتخب ويلز، حتى أصبح مدرباً لمانشستر سيتي وبلاكبيرن وفولهام منذ 2010 قبل أن يقيله كوينز بارك، هذا ما يصنع المدرب إذا كان أيضاً يملك الاستعداد الفطري والقدرة على التعلم والتطور، ورغم ذلك هو معرض للنجاح والفشل لكنه يستطيع أن يستمر، وعلى الذين يريدون أن يصبحوا كذلك بدلاً من أن ينتقلوا من فضائية لأخرى وإذاعة وصحيفة ..التدريب في الميدان والتنقل بين الأندية ومواجهة الفشل بشجاعة والبحث عن النجاح.