2012-11-28 | 06:38 مقالات

القويُّ من يفسد النظام

مشاركة الخبر      

في كلِّ مرة يأتي الحديث حول أو عن ممثلينا في الاتحادات الإقليمية أو القارية، أجد نفسي متعاطفاً بالفطرة مع الممثلين هؤلاء، وضد الطرف الآخر ليس لشيء، ولكن لعدم قدرة الطرف الآخر إقناعي كمتابع بما يحاول إلصاقه بهم من أخطاء تصل حدّ التهم التي يعاقب عليها، بل ولا يمكن قبولها لتعارضها مع التأهيل والخيرة والكفاءة والأمانة، وكلُّ هذا لا يمكن ألا تجتمع في أحد، ويظل في عمله على الصعيدين المحلي والخارجي. أولاً دائماً يكون هناك خطأ في فهم دور عضو سعودي ينتسب لإحدى المنظمات الإقليمية أو القارية، وما إذا كان عليه أن يمثل بلاده ويرعى مصالحها، أو أن ينخرط في العمل الكلي في المنظمة ويسعى لتحقيق أهدافها أم الاثنتين معاً، وإذا ما تعارضتا فما الذي يجب عليه أن ينحاز لبلاده أم إلى عمله مثل هذه الأسئلة تسقطها مطالبات أن يكون لدينا ممثلين أقوياء وهو ما درج كثيراً منا على ترديده، ومعنى ذلك أن يستخدم قوته في تحقيق مصالحنا حتى لو تعارضت مع المصلحة العامة للجهة التي يعمل بها كعضو، كما أن ذلك يعني أن هناك أعضاء أقوياء يتصارعون فيما بينهم، كلٌّ لتحقيق مصلحة بلده على حساب مصالح بقية الأعضاء الآخرين والمنظمة ككل.. وفي ظني أن ذلك لا يتفق مع الحقيقة ولا مع منطق الأمور ولا مع مصلحة أحد. كلُّ المنظمات والاتحادات والهيئات الدولية تتكون من عضوية بلدان مختلفة وقارات متباعدة، لكن يحكمها نظام ولوائح.. هذه الكيانات التي يجب أن تحقق مصالحها من خلال رعاية مصالح أعضائها، وإذا ما كانت هناك قوة مهيمنة في هذه المنظمة فهي دائماً قوة ظالمة، لا يعتدّ بها ما لم تكن قوتها في إحقاق النظام وتطبيق القانون.. كما أن قوة وضعف العضو يعتمد على مدى كفاءته وتخصصه وخبراته في المجال الذي ينتمي إليه ثم تجاربه وتراكم خبراته تلك ستجعله عضواً يعتمد عليه في المشاركة والمراقبة وفهم ما يدور وتولي المناصب والتأثير الإيجابي في هذه الكيانات، وليس بالانحياز والتدليس وحياكة المؤامرات.. وهذا ما أشعر بأن بعضنا يحاول دفع ممثلينا إليه. البعض منا أيضاً مصابٌ بتضخم الذات، لذا فهو يعتقد أننا مركز الكون، وأنّ على كلّ المنظمات والاتحادات أن تلبي مطالبنا جميعها -حقها وباطلها-، وأن يتركوا الكراسي في هذه المنظمات لأعضاء منا، كلّ ذلك أيضاً دون تقييم حقيقي بمتطلبات هذه المناصب ومدى قدرة أحدنا على شغلها على النحو اللائق.. كذلك فإن البعض منا يستنكف أن تكون هناك عضوية أكثر لدولة صغيرة الحجم أو أخرى يراها من خلال صورة نمطية غير صحيحة، أنها بلدٌ متخلفٌ، وهكذا لو أعدنا النظر لمنظمات دولية عدة تحمل أهمية أكبر وأخطر من الاتحادات والمنظمات الرياضية لوجدنا كيف أننا مخطئون، ولا نملك ما يدعم موقفنا المتعالي في طرحه، والجاهل في قراءاته لواقع ما نريده أن يتم هكذا خلاف.. إن إعادة النظر إلى ذلك كله لربما يجعلنا نقلل من حجم هذه المطالبات والضغوط على ممثلينا واستبدال ذلك بتلمس الطرق النظامية والمقنعة لمساعدتهم في تحقيق مصالحنا التي يمكن قبولها لنظاميتها وعدم تعارضها مع مصالح هذه المنظمات التي لا يمكن أن تقبل أن نجعل منها أو غيرنا مطيةً لتحقيق أهداف خاصة بنا ومحدودة لا تحقق رؤية وأهداف هذه الاتحادات. نحتاج إلى أن لا نحرص على أن نخوض في كل شيء ونجعل من أيّ شيءٍ مادةً إعلاميةً يتم طرحها من خلال "مع وضد".. يجب ألا نسمح لمن يحاول تمرير بعض أفكاره الخاصة على أنها أفكار عامة، ولا لمن يريد أن يصل إلى تصفية حسابات مع أفراد أو كيانات يتبع لها هؤلاء الأفراد على أنّها مطالب مشروعة تريد منا ألا نضيق بها ونرفضها.