البيت الزجاج أكثر إغراء
أكثر الصحف اهتماماً بنقد الأشياء تفتقد هي ذاتها إلى ما يبعدها عن التمام المهني ولا يسلم العاملون فيها من النواقص والعيوب في السلوك والكفاءة وهكذا ينسحب ذلك على وسائل الإعلام كلها. لكن هل يعني ذلك أن تتوقف هذه الوسائل عن النقد؟ طبعاً (لا)، لأن ذلك في صلب عملها ويجب أن يكون مقدماً على اهتمامات أخرى من أخبار وإعلان ورأي لكنها مجتمعة تشكل لب العمل لأي وسيلة. لو سلمنا جدلاً بأن من بيته من زجاج فلا يرمي الناس بالحجارة فإن ذلك أيضا لا يدخل في إمكانية الامتناع عن النقد لمجرد وجود عيوب في عمل الناقد أو الجهة المنتقدة، لكن الأهم ألا يكون النقد حجارة ترمى على من بيته من زجاج بل تتجاوزه إلى من يجلس خلف أسوار منيعة وإلا تحول الأمر من نقد من أجل الإصلاح إلى نقد من أجل النقد. وعلى أن الانتقائية مذمومة فإنه يمكن أن يكون حال النقد الانتقائي إلى موجة من التعاطف مع المنقود برغم وجود خلل في أدائه يستحق النقد يتسبب ذلك في هز مصداقية الناقد وتعزيزها في الطرف الآخر الذي سيستعين بذلك في مواصلة الأخطاء نفسها وربما يفاقمها دون رقابة بعد أن ضمن تحييدها. الاستفادة من الرؤى النقدية الناضجة أو حتى التي تحاول أن تكون ناضجة أو التي لا تتمتع بكامل شروطها ضرورية، فلا أحد يمكنه أن يعمل دون أن يخطئ، ومن يراقب من خارج الصندوق يملك بصيرة ومن داخله بالكاد يملك البصر، ولكن ليس ذلك فقط المهم إنما محاولة استثمار هذه الملاحظات النقدية ستعين على قطع الطريق على الشكل الآخر مما يحاولون تسميته بأنه نقد بينما هو غير ذلك. الرياضة بكل ما يظهر على سطحها حالات فعل وردة فعل حين تدخل إلى ماكينة الإعلام عبر وسائله فإن هذه الوسائل تنتجه بأشكال وقيمة ربما مشوهة أو أقل مما كان يتطلع له فاعلوها أو أحسن حالاً من واقعها، لكن الاعتقاد لدى بعض الفاعلين من رؤساء أندية واتحادات أن يمكنهم أخذ العلامة الكاملة دائما وفي كل حال يحدث حالة إرباك في فهم ما يحصل، هل هناك تعمد للتشويه أو للتجميل أم أن هناك نقلاً صادقاً بني عليه نقد موضوعي؟ وأن دأبهم على تشويه مخرجات وسائل الإعلام خطة تذاكي يمكن لها أن تجعلهم دائماً في أمان أمام الرأي العام، فإما نحن الأجمل والأفضل والأقوى أو يقولون إننا نتعرض لتشويه متعمد. في أي ساحة يتم إطلاق صفة على أفراد أو جماعات بقصد إما محاصرتهم أو من أجل جعلها تهمة أو الأمرين معاً، لكن صفة التعصب تتقاسم العيش مع الجميع، كذلك التخويف بأن تكون منحازاً أو مرتشياً أو ترتبط بمصالح خاصة مع طرف، هذه الأمور أسلحة ضد النقد والنقاد يتم استخدامها تنجح أحياناً لكن فشلها يتحقق حين يكون الناقد كما قلنا في البدء، حين لا يقصر نقده على من بيته من زجاج فقط، وأختمها بألا يرهبه الطرف الآخر لأن بيت الناقد الحقيقي ليس من زجاج أبداً. رئيس التحرير