2014-07-02 | 07:57 مقالات

سواريز للحوم الطازجة

مشاركة الخبر      

اختلاف الثقافة المجتمعية من شعب لآخر تحدد معها أسلوب التعامل وطريقة التقييم والحكم على الأشياء واللغة المستخدمة في التخاطب.

لكل مجتمع محدداته وقياساته الخاصة به فما يبدو عند مجتمع أنه قمة الرقي يراه آخرون تخلفاً أو لا يليق وما يوضع في ميزان الحريات قل أو زاد ربما يكون محرماً أو ممنوعاً لدى الآخر وهكذا نحتاج إلى تفسير مركب لكل التصرفات والأفعال والأقوال التي تصدر عن الغير تجاهنا أو تجاه بعضهم.

أكثر من منتج عالمي مختص في الغذاء حاولوا استثمار الفعل السيئ الذي قام به لاعب منتخب الأورجواي سواريز تجاه زميله الإيطالي كيليني في المواجهة التي جمعت الفريقين في الدور التمهيدي للمونديال بطريقة سيئة من خلال الحكم عليها بمفهوم مجتمعنا العربي المسلم فقد قامت شركة لحوم شهيرة مختصة بصناعة (السجق) بحسب الخبر بتقديم عرض لسواريز للعمل معها ونشرت الإعلان في الصحف تقول فيه إنها تعرض على سواريز منصبا في الشركة لخبرته في تذوق اللحوم الطازجة بعد أن كرر فعلة العض هذه للمرة الثالثة.

قبل هذا الإعلان الانتهازي الخالي من الذوق والذي فيه تعد على شخص سواريز كانت هناك أمور تشبه ذلك من خلال منتجات أخرى ذهبت نفس الاتجاه والسؤال وبالرغم مما ذكرناه عن الاختلاف في معالجة مثل ذلك ما بين مجتمع وآخر إلى أي مدى يمكن السماح بانتهاك خصوصيات المشاهير من النجوم أو حتى العامة من خلال التعليق على تصرفاتهم أو أقوالهم عبر وسائل الإعلام؟

في مجتمعنا وبالتالي إعلامنا لا يسمح بإطلاق أسماء بعض الحيوانات أو الحشرات والطيور على اللاعبين من منطلق مستقرات دينية أو أخلاقية أو تقاليد حتى لو كان ميسي هو البرغوث أو أورتيجا الحمار ونجوم آخرون يحملون ألقابا مثل الضفدع والجرذي والحية الرقطاء فإنه لن يمكن قبول إطلاق ذلك على لاعب في مجتمع يقبل أن يكون الأسد والصقر فقط ولن يسمح أن يكون هناك النادي العجوز أو حمار الوحش فكل أنديتنا بألقاب فخمة وأسماء رنانة حتى لو كانت تلعب تدريباتها على أرض ترابية.

قام لاعبونا المحليون أو الأجانب وغيرهم في منطقتنا بتصرفات خرقاء وحتى مشينة لكن أحد لم يجرؤ على وصفهم العلني بما يتوافق مع فعلهم وما كان باستطاعة أي شركة لمنتج غذائي أو غيره أن تدخل مع المجتمع في صراع حول ناد أو لاعب حتى لو كان جميعهم بربع قيمة سواريز الفنية والسوقية.

فهل يعني ذلك أنه لا توجد منطقة وسطى ما بين التعليق البذيء والنقد الصريح الذي يصلح الأمور ولا يجعل من ثقافة المجتمع الرافضة للإساءة للآخرين سبباً في إساءاتهم للمجتمع نفسه.