قاعدة القياس أهم
يستمر الركض باتجاه الفوز بكأس العالم بالتوازي بين منتخبات القارتين الأوروبية واللاتينية اليوم سيتأهل منتخب أوروبي (ألمانيا / فرنسا) ولاتيني (البرازيل / كولومبيا) وهو أول ملمح حقيقي يمكن أن يعرف به هوية البطل.
فرنسا على تاريخها حصلت على الكأس مرة واحدة فقط حين استضافتها صيف 1998 وهزمت في النهائي الشهير البرازيل حامل اللقب بثلاثة أهداف دون مقابل وهي أول بطولة تلعب بـ32 منتخبا، ما يعني أن هذا الفوز حقق أكثر من هدف فهو إلى جانب أولويته التاريخية لفرنسا أيضاً كان مهماً لتجربة الـ32 منتخبا للفيفا الذي اعتمد بعد ذلك هذا العدد.
حينها كان الجميع لا يرى أن لفرنسا حظاً في الفوز بالكأس أكثر من حظها أن استضافت مبارياته بعد منافسة مع المغرب وسويسرا، فلم يكن المنتخب الفرنسي بعد بلاتيني ومجموعته بذلك الذي يمكن له أن يأخذ في الحسبان وهي عقدة يقع في شراكها الكثير من المنتخبات التي تنجب نجوماً يبهرون لكنهم لا يحققون الإنجازات، والبرازيل نفسها وقعت في ذلك حين ظلت من 1970م حتى 1994 عاجزة عن حل هذا اللغز الذي سلكه شياطين وسحرة 1982م في إسبانيا سقراط وزيكو وإيدر وفلكاو.
هنا أود أن أبدأ، إذ إن محاولة الإغراق في تفاصيل الماضي وجعله النموذج الأوحد يمكن له أن يؤثر على الحاضر ويعطل المستقبل، لا بأس أن يكون سقراط أو بلاتيني أو مارادونا أو الخطيب وبلومي وماجد عبدالله وجاسم يعقوب ومن مثلهم نماذج ورموز كروية ولكن حتى يمكن أن يأخذوا بيد من بعدهم وليس من أجل أن يقف الزمن عندهم سواء ذلك بفعلهم أو من خلال أطراف أخرى من بينها الجماهير والإعلام.
أعلم أن الرمزية مهمة، وأن التاريخ لابد أن يحتفظ في صفحاته بالمبرزين في كل مجال مع بعض الاختلاف في طبيعة المهام من حيث الأهمية وتماس ذلك بالآخرين، وأن الشعبية تصنع الأسطورة، وكل ذلك لا يعيب هؤلاء بل يزيدهم، إنما المهم أن تكون رمزية عادلة لمن يأتي بعدهم ويمارس ذات المهام بحيث يؤخذ في المقارنات السياق والظرف الزمني والتطورات وما يطرأ.
لا يمكن أن تظل شجاعة المحاربين بقياس واحد ثابت ولا مهارة اللاعبين ولا فكر المخططين، ولا يمكن أن تكون قاعدة القياس مدرسة دون أخرى، سواء كان ذلك فقهاً أو أدباً أو رياضة أو إدارة وغيرها، ولا يمكن أن يكون لمن له الحكم في مثل هذه الأمور أن يُسمح له أن ينحاز لجيل أو مرحلة أو مدرسة أو جنس.
مسطرة القياس أهم ممن يتولى القياس، يقول لي إن الجيل الفلاني أحسن، أقول له على قاعدة ماذا؟ وقس على ذلك من أحب هذا اللاعب أو النادي أو المدرسة الكروية، فإن كان مزاجاً وذوقاً خاصاً فذلك له، أما إن كان يريد به فرض حقيقة معينة فلابد لنا أن نستوقفه لنطرح عليه ذلك السؤال.