الجمهور.. ما أظلمه وأعدله
يمكن قراءة أداء الرياضي بنسبة نجاح معقولة (بعد) أن ينهي مهمته لكن يصعب فعل ذلك (قبل) إلا من خلال شيء من الاستنتاجات المبنية على التحليل الفني الشامل.
تفاصيل التحضير وقياس قدرات الجهاز الفني وامكانات العناصر وحجم المنافسين وبرنامج المنافسة والبيئة الحاضنة للتنافس كلها ضرورية لأن تتوقع أشياء مما يمكن أن يحدث لكن ذلك يتلاشى أيضا أحيانا فيسقط في يدك وتتضارب تقديراتك ويدخل الشك إليك في أنك فعلا كنت على صواب حين توقعت صعود أو هبوط مستوى أداء هذا الفريق أو تلك العناصر.
المختصون يمكن لهم دون أن يلاموا أن يذهبوا بعيدا في إعطاء بعض الضمانات بالنجاح حتى إن حدث فيما بعد الفشل أو العكس هذا طبيعي حين يكون الفيصل فعل بشري كما هو حال الأداء الرياضي تتحكم فيه تجليات وخيبات ويوم أسود وآخر أبيض لكن المرء لا يلام بعد اجتهاده إلا عند السواد الأعظم من الجماهير التي هي أيضا تعيش في أعلى الزاوية العاطفية الحادة التي يمكن أن تضحي بك في أي لحظة، أو تضحي من أجلك دون أن تتحسب للحالين، فما أظلم الجماهير وما أعظمها.
النصر بعد أن هزم الاتحاد جعل منافسيه قبل أنصاره، يرون أنه استعاد توازنه، وبات مهيأً لأن ينطلق بمتانة إلى ما هو أبعد من حيث البناء التراكمي الفني ما يعني درجة انضباط خططي أعلى ،وقدرة على الثبات في أرض الملعب، ومساحات واسعه للاعبين للتعبير عن قدراتهم الخاصة، هذه في مجملها تشير إلى أن الفريق عزم على المنافسة الجادة، والحقيقة لم يكن هذا رأيا عاطفيا لكنه ظهر فعلا في تفاصيل أداء اللاعبين ، وكسى أجواء الفريق، إلا أن ذلك تم نسفه دون مقدمات أمام التعاون!
الهلال خلال أكثر مبارياته التسع في الدوري كان فاقدا للشخصية، يلعب بلا عنوان، عاجزا عن فرض ارادته على خصومه، وكان يجترح الحلول في لحظة إنقاذ غير آمنه ، ما شكل انطباعا فنيا مرتبكا، أقرب إلى السلبية ، وهو ما أصاب جماهيره بإحباط فيه مرارة ، ذلك أن الهلال حتى و أن بدأ بتغيير جهازه الفني الذي اشرف على تحضيره للموسم وهذا دون شك له تبعات كثيرة، إلا أنها مقتنعة أنه يملك عناصر قادرة على الظهور حتى وهي تمارس العجز غير المبرر، فجأة عاد أمام الأهلي كما لوكان فعلها بكبسة زر !
ولأن (الحكم) على الشيء فرع من تصوره، فإن تصورنا سيظل قاصرا عن الإحاطة الكاملة، أو الأمينة الآمنة، التي تمكننا من المعرفة التامة لما يمكن أن يكون عليه حال فريق رياضي يترتب (الحكم) على ما يمكن أن يفعله منافس مقابل قد يسهل أو يصعب عليه المهمة وحالة بدنية وفنية وذهنية ومزاجية للاعب ، وقراءة لما قبل وأثناء المباراة للجهاز الفني ، وأداء طاقم تحكيمي ، وعوامل خارجية أخرى تدخل في حالة التركيز ، وضمان الحقوق ...... لكن هل القصد دعوة إلى الصمت قبل أي مواجهة بالطبع لا ، لكن للبعد عن الأحكام القاطعة، والادعاء بالمعرفة المطلقة، أو التعامل مع اللاعبين على أنهم مكائن صماء وتلك أخطرها.