وهم خصوصية الديربي
لم تختلف مواجهة النصر والهلال الجمعة الماضية عن غيرها من مواجهاتهما السابقة عبر تاريخها الذي تجاوز نصف قرن؛ إذ بدأت المباراة وانتهت بخوف جماهير كل فريق من الخسارة وتفاعل وحماس مع فرص التسجيل. حالات الانفلات الانضباطي الكاملة داخل الملعب أو خارجه لم تحضر وهي لم تسجل في أي مناسبة جمعتهما.
الهلال والنصر داخل الملعب جماهير ولاعبين ليس من هم خارجه مختلفين عنهم جداً، فعادة لا يعكر صفو هذه المواجهات إلا فعل لاعب أو إداري يشبه من هم خارج الاستاد وهذا قليل. إن حدث البطاقات الصفراء والحمراء لا يختلف عن الأهداف والفرص الضائعة هي تحدث بشكل اعتيادي في كل المباريات ما لم يصحبها تصرف أهوج أو لا أخلاقي وهو نادراً ما يحضر في أي مواجهة بينهما.
لست من الذين يتوقفون عند بعض مشاهد التواصل الإنساني العاطفي بين اللاعبين قبل أو بعد المباراة وتصويره على أنه أمر يستحق التعليق عليه ولفت الأنظار له أو أنه صورة تعبر عن الروح الرياضية وما إلى ذلك من العبارات لأنني مؤمن في الأساس بأن هؤلاء الشبان الذين يتعاركون على كرة واحدة تسعين دقيقة، يرسمون هذه الصورة الحميمية ليس لأنهم إما أصدقاء في الأصل أو تربطهم صلة قربى بل لأنهم في النهاية يعلمون أنهم يؤدون عملاً له ضوابط وشروط وأن تنافسه ينتهي مع الصافرة الأخيرة للحكم.
نعم هناك أحياناً لاعب أرعن يجر الجميع إلى فوضى التلاسن والتشابك، ويحدث أن تتسبب بعض مجريات المباراة في الانفعال والخروج عن النص، ويمكن أن يمارس أحد الإداريين دور الفتوة فيجعل المشهد مريعاً، لكن كل ذلك لا يدخل في البناء الحقيقي لمواجهات الهلال والنصر، حيث إنه نادر الحدوث، ولأن الصفو والتمازج الاجتماعي يخلقان من سنوات البدء حين كانت العاصمة متشابكة البيوت متلاصقة الأحياء مشتركة الملاعب، فهذا أوجد وعزز من البدء الوعي بإحساس حدود التنافس وآدابه.
الهلال الأكثر استحواذاً والأكثر فرصاً، وهذا لا يعني أن لا تنتهي المباراة بالتعادل بل كان يمكن أن تنتهي بالخسارة من خلال فرصة نصراوية واحدة، فسجل الفريقين يحتفظ بما يشبه ذلك أو ما هو أكثر منه غرابة ولا عجب يحدث ذلك مع النصر والهلال حين يواجهان الفرق الأخرى.
لكن لماذا ذلك يجعل الكثيرين يعتقدون أن (الديربي) يتحمل ذلك وحده فقط لأنه (ديربي) أعطوني مباراة لعبها أحد الفريقين مع فرق أخرى بضمان نتيجة أو مستوى أداء لولا أن حمى (الديربي) حينها لا تفعل فعلتها فيمن يحلل أو يتوقع فيحصرها فقط في مباريات (الديربي) التي وكأنه كتب عليها ألا نتوقع نتيجتها.. الصحيح أن الأعصاب وحالة الخوف المصاحبة لهم هي التي لا تجعل أحداً يتوقع ما هو متوقع، ويجري على كل المباريات وفي كل الألعاب التنافسية ما يقدمه اللاعبون داخل الملعب لا علاقة له في كل ذلك!.