لماذا تبدو الأحكام غريبة أو مفاجئة؟
قلنا مرات كثيرة إن التقارير الإعلامية لا يعتد بها في الفصل بين المتخاصمين، ولا هي حاسمة لخلافات على حقوق، وإن اللجان القضائية بدرجات تقاضيها بقوانينها ولوائحها تكسب في الأخير الجولة وتترك للآخرين الضجيج، أو العويل، أو مايختارونه من حال.
الاحتجاج على الأحكام بعد صدورها، إذا تجاوز أشكاله النظامية إلى الطعن في نزاهتها والتشكيك في جهاته العاملة أو من يقعون تحت مظلته جرم يستحق العقوبة، بعضه يتجاوز حجم المخالفة التي حكم بشأنها، لكن كيف ومما تتكون (فكرة عدم النزاهة)، تصبح جاهزه للانفجار على شكل تعبيرات مختلفة ومتعددة تمتليء بها حسابات التواصل، وفضاءات البث، ويزدحم بها ورق المطبوعات؟
ترتكز القضية التي تشغل الرأي العام الرياضي هنا تحديدا على أضلاع ثلاثة، ناد أو لاعب يملكان شعبية تفضي إلى النفوذ، وجناح إعلامي يوجد به من لا يقدر المسؤولية لأي سبب، وفئة من الجمهور من النوعية المستسلمة لمن يدغدغ عواطفها ويرضي نزعاتها نحو أخذ كل ما تريده، وبالتالي فإن الإعلام يقوم بدور عود الثقاب يجمع له من لايريده أو لامصلحة له معه، ليجعل منهم جميعا حطب هذه النار، فيبدأ حولها الرقص كل بدوافعه.
يمكن تبرئة الإعلام في حال كان ينقل عن المصادر المختصة وكافة المعنيين بالقضية، ويمكن أن تتحمل المسؤولية بعض عناصر القضية التي تستثمر الإعلام في تمرير كذبها وتمرير ماتريد وإخفاء مالاتريد، بشرط أن يكون الإعلام في الحالين اجتهد في تقصيه ومتابعته ورصده، ولم ينحاز لطرف على حساب الحقيقة التي لايمكن أن تختفي على الدوام، ويصعب تجاهلها، الأمر ليس تقدير حالة ولا اختلاف رأي.
أكثر ما جعل بعض الأحكام التي صدرت من الاتحاد المحلي أو القاري أو الدولي أو محكمة (كاس) تبدو غريبة، أوغير منسجمة مع سير الإجراءات، هو ما مارسه البعض من مسؤولي الأندية، أو اتحاد الكرة من تضليل أو تشويش، حين نقلوا للرأي العام عبر بيانات أو حوارات بعضها (مطبوخ) خلاف الحقيقة، هدفهم أن يتملصوا من مسؤولياتهم أو لايقعوا تحت طائلة العقاب مع علمهم أن ذلك لن يكون إلا مسألة وقت، وهو الآن يحدث تباعا في أكثر من قضية غير ماهو قادم.
تعبئة الجماهير بالإحساس بالمظلومية هي استثمار لـ(فكرة عدم النزاهة)، لايمكن أن يكون من بين مصادرها صدور أحكام من جهات معتبرة تتوفر فيها ظروف الدفاع، وتطال عقوباتها كل من يرتكبها أو لايحسن التعامل مع إجراءاتها، أو يتجاهلها عمدا، أو عجزا، بل إن مصدره الوحيد بث الرسائل المشحونة بالتشكيك والارتياب، المطعمة بالكذب والتخرصات التي يحرص على تصميمها من هم ضالعون في ارتكاب هذه المخالفات، أو تسببوا في تفاقمها لينجوا بأنفسهم، دون أن يهمهم غرق المركب بمن فيه... دائما ابحثوا عن هؤلاء عند كل مصيبة، فهم وراءها، ودعوا عنكم من يستثمر ذلك لمصالحه وأهدافه هذه قصة أخرى مختلفة.