المدير الفني أولا لكن ليس دائما
بسرعة مرت المواجهتان المنتظرتان، وعلى أكثر تقدير ستنتهي تداعياتهما عند نهاية الجولة المقبلة من مباريات الدوري، وهذا أمر طبيعي يحدث دائما مهما حاولنا (فرملة) المشهد لاستبقائه أطول وقت، لكن النتيجة ستدونها سجلات (الدريبي) والفائزان النصر والاتحاد حق لهما الاستمتاع بمكسبيهما والبناء عليه في مواجهات (الديربي) المقبلة، والمنافسة بقية الموسم بروح وثقة عاليتين .
لا أعترض على حجم الدور الذي يعطى للمدير الفني عند تقييم أداء الفريق، ومسيرته التنافسية، لأنني أعلم أن العناصر تحتاج إلى اختيار، وتحضير بدني، ولياقي، ونفسي، وذهني، وطرق وخطط لعب، وبرامج إعداد بجدول زمني محدد وخلق بيئة مناسبة، وكل هذه مرتبطة بنسب عالية بالمدير الفني الذي عليه في النهاية أن يستخلص من ذلك كله وحدة عمل، واحدة تؤدي مايريده، لتحقيق أهداف معلنة، أو معروفة ضمن.
إدارة النادي مسؤولة عن إحضار المدير الفني الذي يحقق طموحات النادي، لكن المدير الفني هو من يعرف بالضبط مايمكن له فعلا أن يتحقق من هذه الطموحات، وما إذا كانت تتوافق مع مايتوفر له من إمكانات مختلفة، إلا أنه أيضا وهو يسعى لتحقيقها لا يمكن أن يعطي أية ضمانات، فالأمر يتجاوز عمله ومايملكه من عناصر وفكر فني، إلى مايماثله عند منافسيه الطرف الثاني المهم في اللعبة، ومن هنا تبدأ تخف تدريجيا أهمية المدير الفني في مقابل ارتفاع أهمية دور اللاعب وما يحيط به من تهيئة ومتابعة يقوم عليها الجانب الإداري خلاف الظروف المحيطة به الأخرى.
عبدالرحمن الدوسري وسامي النجعي وجدا نفسيهما ضلعان في مثلث غالب، والمطلوب من الثلاثي تشكيل نواة لمفاعل دفاعي يضرب قوة الوسط الهلالي، هذا رسم خططي نجح فيه المدير الفني للنصر كان يقصد به تفكيك القوة الهجومية الهلالية من العمق بالمحاصرة عبر تضييق المنطقة، وتبادل الرقابة، والخروج منها بحالة بناء لعب عن طريق مناولات سلسة للكرة قبل أن يتسلمها الفريدي أو ظهيرا الجنب لبدء الهجمة، هذا عمل كان يحتمل النجاح أو الفشل لأنه يعتمد على من سينفذ ومن يلاقيهم في الطرف المقابل لكن المدير الفني للهلال عجز أن يفسده مما حرم أطرافه وهي قوته من سهولة وصول الكرات إليهم بكثرة حيث استهلكت صراعات والتحامات العمق جهدا ووقتا أفقد لاعبيه التركيز والزمن وعرض دفاعه للاهتزاز.
(سييرا) المدير الفني للاتحاد لعب على امتلاك وسط الميدان، لكنه كان أيضا يمتلك أطرافا قوية محمود كهربا والمولد ورأس حربة تقليدي التونسي العكايشي، (سييرا) أغرق الأهلي وسط الميدان بتفعيل حيوية وجهد الأنصاري وباجندوح المضاعف وفكك دفاعات الأهلي بسرعة ومهارة مهاجميه المولد وكهربا وحرم بها الأهلي من استثمار أطرافه حتى تم إشراك المؤشر، لكن (جروس) المدير الفني للأهلي كان أفضل حالا من (دياز) مدير الهلال، فقد أعاد فريقه بعد أن تأخر بهدفين، إلى أن خسر فيما بعد، في الوقت الذي نجح (زوران) النصر في ما أخفق فيه (سييرا) الاتحاد ولم يسمح للهلال بالتعديل وكسب جولة المدير الفني في مواجهتي (الديربي) اللتين طار بهما النصر والاتحاد إلى نهائي كأس ولي العهد بكل جدارة واستحقاق .