لا لوائح ولا قوانين المهم الجماهير
دخول الجماهير والإعلام في تفاصيل القضايا الرياضية وأقصد تلك المؤطرة بأنظمة ولوائح يتسبب في تحويلها إلى قضية رأي عام تستوجب مجاراته، ومداراته، وهو خطأ يمكن له أن يعكس اتجاه سير العدالة.
ما يمكن اعتباره قانونيا ليس شرطا أن يكون أخلاقيا، ففي ثغرات الواقعة ما يمكن أن يضيع الحقوق لكن يظل قانونيا لا ينازعه فيه إلا اللجوء إلى ما يتوفر من درجات تقاض أعلى أو أخرى يسمح فيها النظام، أما التعويل على الضمير أو غيره فهذا غير وارد لأن الكل يحاول التملص من نداءاته أو عذاباته برمي الكرة كل في مرمى الآخر، والمهم ألّا ينكسر أمام الخصم وتشمت به الجماهير.
تحاول وسائل الإعلام أن تظهر الحياد عند متابعة قضايا فيها الكثير من اللبس والخلط والمفاجآت كقضيتي حارس المرمى محمد العويس والبرازيلي جوزيه إلتون، لكن تسارع الأحدث وتقلباتها، وتدفق المعلومات المتسارع وتضاربها أربك من تصدوا لهاتين القضيتين، وجعلهم أكثر خشية من اتخاذ أي موقف قد يحسب مع أو ضد، وأقصد هنا بعض الإعلام وليس كله، لأن فيه من ظهر متحسماً لطرف بل ومساهم معه كجزء من (ماكينته) الإعلامية التي تضرب في كل اتجاه نحو الأهم وهو تحقيق الهدف بأي وسيلة كانت.
الذين يرددون بمناسبة وغيرها أنهم ينشدون العدالة والمساواة بين الأندية عند اتخاذ أي قرار من جهة هيئة الرياضة أو أحد الاتحادات لا نجدهم متحمسين للعدالة فعلا عندما تكون القضايا المطروحة تمسهم من قريب أو بعيد، والذين يطالبون أن تحل قضايا الرياضة فقط بما هو متوفر من لوائح وأنظمة وقوانين يظهرون ويختفون حسب ما يحقق أهواءهم ويتماشى مع مصالحهم، حتى المتخصصين في القانون شاهدنا وسمعنا بعضهم يطرحون آراء غير قانونية ويراوغون مواد القانون من أجل الا يصادقوا على سلامة قرار تم اتخاذه من عدمه لأنه لا يصب في مصلحة أنديتهم.
صحيح أنه ليس في قضايا الرياضة فقط يتم النظر إلى الأمور من زاوية موقع المتحدث أو المشتكي من الحدث، وأن جل ما يطرحه الإعلاميون من حلول وآراء وقراءات هي ما يتمنونه أكثر من أن يكون متوافقا مع طبيعة الواقعة وتدرج سيرها وما يمكن أن تنتهي إليه فعلا، لكن الأخطر هو أن يدخل الخبر أو التقرير في هذا الإطار من المعالجة حيث كشفت كثيرا من القضايا والأحداث أن منصات وأصوات إعلامية تلاعبت عمدا بالمعلومات وتحكمت في سير تدفقها أو التوسع فيها بما يضمن ميلها أو التأثير في سبيل ميلها لصالح طرف دون آخر.
في نزاعات الأندية مع بعضها البعض، أو مع إحدى الجهات الداخلية أو الخارجية، أو حتى إن كانت القضية تتعلق بنجم أو مسؤول، فإن السباق دائما هو على كسب جولة الإعلام قديمة وجديدة، بالرغم أنه يمكن أن تكون النتائج النهائية عكس كل ما حاولوا فعله أو منعه، ورغم ذلك لازال الجميع متمسكا بفكرة (أكسب الجماهير حتى لو خسرت القضية) وهي دلالة عدم الاهتمام بالمصالح العليا الثابتة بقدر الحرص على الرضا المؤقت المتغير، وهذا فيه إشارة إلى الاستخفاف بالجماهير أو التأكيد على أنها هي الأخرى لا تعي أين تكون المصلحة وتستحق أن يستخف بها!