في الأندية: المطلوب تطبيق "لكل شيخ طريقته"
الهلال تأهل لدور ربع نهائي كأس الملك، وأزال عبء التنافس التقليدي مع غريمه النصر، والثانية فنياً ونفسياً وجماهيرياً أهم من الأولى، وهذا طبيعي بين أي فريقين، يجمعهما تنافس محموم، خاصة أن الهلال كان يمكن له لو خسر أن ينعكس ذلك على مسيرته الناجحة سلبيًّا، في المنافسة على لقب بطولة الدوري، وهذا ما كان يقلق أنصاره قبل المباراة.
المراقب للفريق الهلالي في العقدين الماضيين تحديداً، يعلم أن الهلال كان قادراً فنياً على أن ينافس على بطولات كل موسم، وربما كان الثابت الوحيد من بين الأندية الأخرى التي لم تترك له كل البطولات بالطبع، لكنها كانت تتبادل على إما انتزاع البطولة منه أو السقوط دون ذلك وبنظرة سريعة لجدول ترتيب الدوري، أو الأدوار النهائية للمسابقات الأخرى، الفترة المشار إليها ستخرج بمحصلة تغني عن الجدال حول ذلك.
البناء الفني القوي لأي فريق يحتاج إلى تكامل عناصري تدريبي إداري، وهذه التوليفة لا يمكن مزجها مع بعض، إلا بتوفر الإمكانات المالية والالتفاف الجماهيري وحسن الإدارة، هذه بديهية وليست اكتشافًا؛ لذلك لم يكن الهلال كذلك فقط، إذ إن الأهم أنه كان في شريحة فنية عالية وسط ثقافة عمل وتعاطٍ مع الوقائع، تساهم في أن ظل محافظًا على ذات المستوى وتلك القيمة، ولم يسمح بالتنازل عنها أو ينجَر لفعل ذلك، سواء بدوافع شخصية أو تأثيرات خارجية أو من داخل البيت نفسه.
لكل نادٍ بيئة عمل وثقافة تعايش بين منسوبيه، وعادة ينعكس ذلك على أداء وأسلوب الفريق ونوعية العناصر من حيث طبيعة الموهبة والبناءين النفسي والفني، وبالتالي العطاء والتصرفات داخل وخارج الملعب، والحاكم هنا مسيرو النادي الذين يمكن لهم قبول أو عدم قبول الخروج عن المسار السائد من قيم رياضية ومفاهيم حياتية، تأصلت عبر تراكمها بتوالي العقود.. والاختلاف بين ثقافة نادٍ وآخر لا تعني أفضلية لأحدهم على غيره، لكن العبرة في أن تحمي هذه الثقافة وأن تواصل تثبيت أركانها وعدم السماح بتفتيتها.
هوية النادي مغناطيس الجذب الجماهيري المتجدد والمسوق للمنتج والمستثمر على حد سواء، كما أنها للشغوف باللعبة المادة التي يحرص على اقتنائها ويبحث عنها أينما وجدت، ومسؤولية المحافظة عليها تبدأ بثبات ملاك أو مجالس إدارات الأندية على قيم ومفاهيم وثقافة سادت وعرف بها النادي، ثم تماهى الأنصار معها للتعبير المثالي عن هوية النادي وتبقى البطولات والانتصارات جزءًا يكمل ويعزز، لكن دون أن يتسبب في نسف الهوية؛ فالغاية لا تبرر الوسيلة.
ليس بالضرورة أن يشبه الاتحاد منافسه الأهلي ولا الهلال غريمه النصر، بل من المفيد أن تختلف الملامح والمذاق، وأن يحرص كل نادٍ على خصوصيته في ما لا تجبر الأنظمة واللوائح التوحد فيه، وللكل فرصة البحث عن تحقيق مكاسبه الكروية وما يتبعها من فوائد من خلال منهجه وسياسته ونوعية مواهبه وعناصره وأسلوب أدائه الفني والإداري والإعلامي، وتعاطيه مع كل ما هو حوله.. قد تكون الأهداف واحدة لكن "لكل شيخ طريقته"، ومن ذلك أتباعه ومريدوه دون غيره.