هل فعلاً المسألة تطبيق أنظمة ولوائح؟
حتى والإحباط يزحم المكان أسأل: ماذا لو تنازل جميعنا عن كل طلبات العمل بالأنظمة واللوائح إلى ما بعد طي قضيتي "العويس وخميس"، من باب أن لا فائدة يمكن أن تتحقق لو ظل الرفض للطريقة التي عالج بها اتحاد الكرة أول قضاياه قائمًا؛ وذلك خشية ألا يتقدم خطوة واحدة في الاتجاه الصحيح إن حاصرناه.
طبعاً لا يبدو الطلب منطقياً، لكنه واقعي، إذ إن اتحاد الكرة الذي تجاوز أيامه الـ100 غير مهيأ مطلقًا، للعمل الشفاف المرتكز على الأنظمة والقوانين واللوائح، هذا يبدو صعب التصديق، لكن هذا ما تكشَّف من عدة قرارات تنظيمية وإدارية ومالية، أو ما له شأن بالاتصال مع الأطراف الأخرى من أندية وإعلام وجماهير.
أتذكر أن أحد أعضاء مجلس إدارة اتحاد الكرة السابق قال في ندوة تلفزيونية مباشره: "إنهم تسلموا اتحاد بلا لوائح أو أنظمة، وإنهم بسبب ذلك يمضون وقتًا طويلاً من أجل بناء قواعد العمل". وكان الرد عليه: "إن مجلسهم تسلم المسؤولية من اتحاد له أكثر من خمسين عامًا على تأسيسه، وفي سجله كل المنجزات الإقليمية والقارية والعالمية على مستوى المنتخبات والأندية، وإن ذلك لا يمكن أن يتم دون لوائح أو أنظمة كما يدعي". ناهيك عن أن النظام الأساسي له، حين كان يتحدث لا يزال ساريًا، واليوم أيضًا يعيد المجلس الجديد الكرة في مرمى الاتحاد السابق، بالقول علنًا إنهم لم يجدوا لوائح وأنظمة يمكن أن يعتمدوا عليها، فهل فعلاً كان الاتحاد السابق ومن قبله دون لوائح ضامنة لسلامة التنافس أو قادرة على حل النزاعات؟.
ليس دقيقًا القول بعدم وجود الأنظمة واللوائح، لكن الذي لا شك فيه أن هناك خللاً في التطبيق وحاجة مستمرة إلى التعديل والتطوير، والمواد والفقرات التي تتشكل منها اللوائح والقوانين والأنظمة عرضة للتفسيرات الخاطئة أو لليِّها؛ لتحقق مصالح غالبًا ليست عامة، والاعتقاد بأن الأمر سهل عند النظر في أي قضية من خلال تطبيق ما تنص عليه الأنظمة واللوائح؛ لتحل القضية نفسها بنفسها، أيضًا فيه شيء من البراءه أو التسطيح، إذ قدرة وكفاءة ومصداقية وأمانة واستقلالية وشجاعة المعنيين بدراسة القضايا والتحقيق مع أطرافها، وإصدار الأحكام مهمة جدًّا في أن يتخذ القرار الذي تراه صحيحًا ويطمئن له القلب.
أكثر ما يبعث على الإحباط أيضًا، أن هذا المجلس بدأ أيامه الأولى بإعلان الحرب على الأزمات وملاحقتها؛ من أجل تجنيب الأندية مخاطرها، وإذا به بعد أسابيع يدخل في أزمة قضايا مع أنديته ومن داخله، دون أن يبدو أنه يستطيع التعامل معها بالسرعة المطلوبة ولا الكفاءة المنتظرة، هذا لا علاقة له برأي الجماهير في الأندية المتنازعة، ولا بمناصريهم في الإعلام أو غيره، إذ إن المجلس الجديد الذي بشر بعصر ذهبي لا بد أنه يعلم أن عمله وما ينجزه، لا بد أن تتم محاصرته بالنقد وما يتجاوزه؛ ما يعني أنه كان عليه وضع أسوأ السيناريوهات التي قد لا يكون الذي جرى حتى الآن أسوأها.