هل خسرنا في كوريا؟
كان تأهل منتخبنا الشاب إلى دور الثمانية لو حصل حدثاً كروياً وطنياً رائعاً يفوق في أهميته تأهل الأهلي والهلال إلى ربع نهائي أبطال آسيا للأندية، والسبب أن المنتخب الذي تأهل هذه المرة إلى نهائيات كأس العالم للمرة الثامنة لم يسبق له أن تجاوز دور الـ16 بينما سجل أنديتنا مع دوري الأبطال جيد اعتدنا خلاله الوصول إلى أبعد نقطة في التنافس، فهذا سبب كافٍ لكنه لا يعني أن لا نقول إننا تعشمنا.
البعض كان يرى أن المنتخب خلا من المواهب أو النجوم الصاعدة ويستدل في ذلك على أن جل الأسماء التي مثلت المنتخب غير معروفة ولم تشارك أنديتها في دوري المحترفين، لكن هذا في رأيي ليس سبباً كافياً للحكم عليها بعدم الأهلية أو أن ذلك سبب رئيس في أن يقف مشوار المنتخب في محطة دور الستة عشر؛ إذ لابد الإشارة إلى أن المنتخب تأهل أول مرة إلى هذه النهائيات عام 85م وما تلاها حتى منتصف التسعينيات وكانت قائمته تمتلئ بأسماء لمواهب ونجوم أمثال مسعد وجميل وأنور والهريفي وجازع وسعدون وغيرهم دون أن يصلوا إلى ما وصل إليه المنتخب اليوم أو منتخب الـ2011م.
اختلاف تركيبة اللاعب في الثمانينيات والتسعينيات عنه فيما تلا ذلك لابد من أخذه في الاعتبار ليس من أجل مفاضلة مرحلة عن أخرى ولكن لمعرفة تأثير طرق وخطط اللعب في إظهار الفوارق بينهم وجعلها في صالح الأقدم لأنها كانت تمنحه فرصة تقديم إمكاناته الفردية أكثر مما يزيد من أهميته داخل المجموعة ويعزز من قدرته على صنع الفارق الذي يساهم في تسليط الضوء على موهبته ويرفع من أسهم نجوميته وهو ما لا يحصل عليه من جاء بعدهم، إذ يخضعون لتأسيس أقوى من أجل أداء عمل جماعي أكثر.
أيضاً ضاقت الفرصة أكثر على الواعدين بسبب تغير طبيعة التنافس التي باتت لها متطلبات تختلف كثيراً عن ذي قبل، إذ تقلص عدد الذين يحق لهم المشاركة مع الأندية وزاد عدد السماح للاعبين غير المحليين إلى أربعة وفتحت فترات التسجيل المتعددة للإعارة وشراء العقود بين الأندية بحيث لم يعد لدى أي نادٍ الصبر على حاجته لملء مركز الضعف من الصاعدين من الفئات السنية وراجت تجارة الوسطاء وبارت تجارة الكشافين.
ما قدمه المنتخب الشاب في مونديال كوريا يعتبر انعكاساً طبيعياً لمستوى الكرة السعودية قياساً بمستوى البطولة التي يتأهل لها أفضل منتخبات العالم، صحيح أنه يمكن أن نذهب أبعد لكن ذلك لن يكون حينها مرتكزاً على قاعدة فنية راسخة يمكن الاعتماد عليها فيما يلي ذلك، وعادة بطولات القارة أو العالم للناشئين والشباب تحمل مفاجآت وتحتمل كل التوقعات لأسباب ترتبط بمستوى الاهتمام بالبطولة أو لوجود تلاعب في الأعمار أو لإقامتها في بيئات وظروف لا تحقق تساوي الفرص بين المتنافسين.
منتخبنا الشاب حين تأهل إلى كأس العالم لم يكن بطل القارة وعند تأهله إلى دور الستة عشر لم يكن الأول أو ثاني المجموعة، ورغم ذلك لا يمكن أن نتجاوز أنه ظهر بمظهر حسن وجيد، أعتقد أن ذلك ما زال هو المطلوب وما يتجاوز ذلك هو مجرد تمنيات لا يمكن أن تهزم الواقع. أرى أن نشكر المدرب السعودي سعد الشهري وكتيبته من اللاعبين، وإذا كانت هناك جدية في الوصول إلى كأس العالم المقبلة وتحقيق نتائج أفضل، علينا معرفة ما جرى بكامل تفاصيله وتدقيق معلوماتها وتحليلها ثم الحكم عليها وتقرير ما يجب فعله بعد ذلك.