القزع والداب.. المعالجة أشمل من ذلك
لا يعني أن تكون الأهداف سليمة تحقق المصلحة، تكون آلية تنفيذها أو التوقيت مقبولين ولا يتم انتقادهما أو المطالبة بمراجعتهما أو حتى إيقاف تنفيذهما مؤقتًا؛ دفعًا لضرر قد يلحق بغير المذنب، أو يفتح الفرصة للانتهازيين بتصيد آخرين لتحقيق مصالح خاصة.
مثل هذا يأتي مع أي تشريعات مطاطة لا يتم تأطيرها في المضمون والشكل، مثل منع قصة الشعر "القزع" أو حركة "الداب"؛ فالأولى بها جانب شرعي والأخرى قانوني، محاربة كلتيهما توجه سليم، لكن تطبيق منع أي منهما يتداخل معه التباسات كثيرة تجعل تحققه بعدل غير مضمون.
محاربة قصة "القزع" أوجدت جدلاً لم ينته، وكان لها تداعيات سلبية شوهت القصد وفتحت أبوابًا للمهاترات والاتهامات المتبادلة، ونفخ فيها الإعلام حتى أخرجها عن أهدافها المشروعة، وكان لافتًا مثلاً أن تجد اللاعب يتحايل على النظام فلا يطبق عليه، وآخر يتم ظلمه في حالة اشتباه، والطريف أن كل ذلك يتم تجاهله عندما يشارك اللاعب دوليًّا مع المنتخب أو ناديه.
الموسم الماضي تم إغفال تطبيق أي عقوبة على "المقزعين"، كما كان يقال عنهم، سارت الأمور طبيعية وصمت الإعلام بالذات المتحمسين منهم لتتبع رؤوس اللاعبين وتفحصها، وترك الحكام هذه المهمة التي كانت تشغلهم قبل بدء أي مباراة، وهو أيضًا ما شاهدناه في الجولة الأولى من الدوري، توجهت بوصلة الرقابة على حركة "الداب" التي بدأت ضحاياها مع لاعب الفيحاء؛ فهل سيكون الأخير؟.
أعتقد أن الأجدى من ذلك هو التعميم على الأندية بعدم الظهور المقزز والمخالف للأعراف للاعبيها أو أجهزتها الأخرى، أو تصدير أقوال أو أفعال مشينة بشكل عام، وعلى لجنة الانضباط متابعة ذلك وإصدار القرارات المناسبة حيالها، دون تخصيص هذا يحقق الهدف، وهو أيضًا مطلوب من اتحاد الكرة ليشمل الحكام والعاملين في التنظيم دون حصره على اللاعبين فقط.
ظهور اللاعب في هندامه وتصرفاته وحركته وأدائه وتفاعله مع أحداث المباراة جزء مهم في تكوين الصورة الجاذبة للمتفرجين داخل الملعب، وعلى شاشة التلفزيون، مثل جودة التنظيم والصورة العامة للحركة داخل الملعب وحوله من خارجه، والاهتمام بذلك كله من صميم جودة المسابقة التي يسعى لضمانها المنظم، ولا يمكن أن تتوقف على قصة شعر أو حركة ابتهاج عادية أو مبتكرة، إذا ما كان ذلك كله لا يخدش الذوق العام، ولا يتجاوز الأنظمة والقوانين المستقرة التي عليها المجتمع داخل أو خارج الملعب.
التقليعات تتغير وملاحقتها والتركيز عليها يفتح لها أبوابًا لتسربها أكثر، ويبقى الالتزام العام بالثوابت والقيم الراسخة هو الأصل الذي يجب تعزيزه بأساليب التوعية وتحديد الأُطر الواضحة الثابتة مع الكل، وترعاه لجنة الانضباط ويتفق مع ما هو سائد مجتمعيًّا في أي زمان ومكان.